المقصد السابع فی الشکّ

عدم اختصاص حدیث الرفع بالشبهات الحکمیة

عدم اختصاص حدیث الرفع بالشبهات الحکمیة

‏إذا أحطت خبراً بما ذکرنا یظهر لک وجه ما ربما یستدلّ به لاختصاص ‏‎ ‎‏حدیث الرفع بالشبهات الحکمیة، کما یظهر ضعفه.‏

‏لأنّه ربما یستدلّ أوّلاً: لاختصاص حدیث الرفع بالشبهات الحکمیة، بأنّ ‏‎ ‎‏المرفوع فی جمیع التسعة الحکم الشرعی، وإضافة الرفع فی غیر ‏‏«‏ما لا یعلمون‏»‏ ‎ ‎‏إلی الأفعال الخارجیة إنّما هو لأجل أنّ الإکراه أو الاضطرار أو نحوهما إنّما ‏‎ ‎‏تعرض الأفعال لا الأحکام، وإلا فالمرفوع فیها وفی ‏‏«‏ما لا یعلمون‏»‏ ‏لو خلّیت ‏‎ ‎‏ونفسها هو الحکم الشرعی، وهو المراد من الموصول.‏

وثانیاً: ‏بأنّ المشکوک فیه فی الشبهات الموضوعیة لیس هو الحکم؛ لأنّ ‏‎ ‎‏الحکم الکلّی فیها متعلّق بالطبیعة وهو معلوم، والاشتباه فیها إنّما هو لاختلاط ‏‎ ‎‏الاُمور الخارجیة، ولیس للأفراد الخارجیة حکم شرعی حتّی یتعلّق بها الرفع.‏

‏وبالجملة: الأحکام متعلّقة بالعناوین الکلّیة، فهی القابلة للرفع دون ‏‎ ‎‏الموضوعات، فالرفع فی ‏‏«‏ما لا یعلمون‏»‏ ‏مختصّ بالشبهات الحکمیة.‏

‏توضیح الضعف: هو أنّ الرفع کما یصحّ إسناده إلی العنوان الکلّی، فکذلک ‏‎ ‎‏یصحّ إسناده إلی الموضوع الخارجی بلحاظ موضوعیته للحکم، فالمائع المردّد ‏‎ ‎‏کونه خمراً أو خلاً حیث یشکّ فی حکمه فیرفع حکمه، کما إذا شکّ فی حلیه ‏‎ ‎‏عنوان فیرفع حکمه.‏


کتابجواهر الاصول (ج. ۵): تقریر ابحاث روح‏ الله‏ موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 368
‏فالإکراه والاضطرار وإن یعرضان الأفعال، إلا أنّه بلحاظ معرضیتهما للحکم ‏‎ ‎‏الشرعی یصحّ تعلّق الرفع بهما.‏

‏فالمراد بالموصول الحکم الشرعی، سواء کان متعلّقاً بالعنوان الکلّی أو ‏‎ ‎‏الموضوع المشتبه بلحاظ معرضیته للحکم.‏

‏وبما ذکرنا یظهر ضعف الوجه الثانی؛ لأنّ المشکوک فی الشبهة الموضوعیة ‏‎ ‎‏إنّما هو معرضیتها للحکم الشرعی فیصحّ رفعه أیضاً.‏

‏هذا ما تحصّل لدیّ فی وجه اختصاص حدیث الرفع بالشبهات الحکمیة ‏‎ ‎‏وضعفه.‏

‏فتحصّل من هذه الجهة أنّه لا سبیل إلی هذه الإشکالات والتشکیکات فی ‏‎ ‎‏شمول ‏‏«‏ما لا یعلمون‏»‏ ‏لکلّ من الشبهة الموضوعیة والحکمیة؛ لما أشرنا أنّ لفظة ‏‎ ‎‏«‏‏ما‏‏»‏‏ تدلّ علی معنی مبهم فی جمیع الفقرات المصدّرة بـ ‏‏«‏‏ما‏‏»‏‎[1]‎‏، غایة الأمر بتعدّد ‏‎ ‎‏الدالّ والمدلول وبالقرائن الخارجیة یستفاد من بعض الفقرات اختصاصها ‏‎ ‎‏بالموضوعات ولا یستفاد ذلک من بعضها الآخر، وفقرة ‏‏«‏ما لا یعلمون‏»‏‏ من قبیل ‏‎ ‎‏الثانی فیعمّ کلاً من الشبهات الحکمیة والموضوعیة، فتدبّر.‏

‎ ‎

کتابجواهر الاصول (ج. ۵): تقریر ابحاث روح‏ الله‏ موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 369

  • . تقدّم فی الصفحة 362 ـ 363.