عدم اختصاص حدیث الرفع بالشبهات الحکمیة
إذا أحطت خبراً بما ذکرنا یظهر لک وجه ما ربما یستدلّ به لاختصاص حدیث الرفع بالشبهات الحکمیة، کما یظهر ضعفه.
لأنّه ربما یستدلّ أوّلاً: لاختصاص حدیث الرفع بالشبهات الحکمیة، بأنّ المرفوع فی جمیع التسعة الحکم الشرعی، وإضافة الرفع فی غیر «ما لا یعلمون» إلی الأفعال الخارجیة إنّما هو لأجل أنّ الإکراه أو الاضطرار أو نحوهما إنّما تعرض الأفعال لا الأحکام، وإلا فالمرفوع فیها وفی «ما لا یعلمون» لو خلّیت ونفسها هو الحکم الشرعی، وهو المراد من الموصول.
وثانیاً: بأنّ المشکوک فیه فی الشبهات الموضوعیة لیس هو الحکم؛ لأنّ الحکم الکلّی فیها متعلّق بالطبیعة وهو معلوم، والاشتباه فیها إنّما هو لاختلاط الاُمور الخارجیة، ولیس للأفراد الخارجیة حکم شرعی حتّی یتعلّق بها الرفع.
وبالجملة: الأحکام متعلّقة بالعناوین الکلّیة، فهی القابلة للرفع دون الموضوعات، فالرفع فی «ما لا یعلمون» مختصّ بالشبهات الحکمیة.
توضیح الضعف: هو أنّ الرفع کما یصحّ إسناده إلی العنوان الکلّی، فکذلک یصحّ إسناده إلی الموضوع الخارجی بلحاظ موضوعیته للحکم، فالمائع المردّد کونه خمراً أو خلاً حیث یشکّ فی حکمه فیرفع حکمه، کما إذا شکّ فی حلیه عنوان فیرفع حکمه.
کتابجواهر الاصول (ج. ۵): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 368
فالإکراه والاضطرار وإن یعرضان الأفعال، إلا أنّه بلحاظ معرضیتهما للحکم الشرعی یصحّ تعلّق الرفع بهما.
فالمراد بالموصول الحکم الشرعی، سواء کان متعلّقاً بالعنوان الکلّی أو الموضوع المشتبه بلحاظ معرضیته للحکم.
وبما ذکرنا یظهر ضعف الوجه الثانی؛ لأنّ المشکوک فی الشبهة الموضوعیة إنّما هو معرضیتها للحکم الشرعی فیصحّ رفعه أیضاً.
هذا ما تحصّل لدیّ فی وجه اختصاص حدیث الرفع بالشبهات الحکمیة وضعفه.
فتحصّل من هذه الجهة أنّه لا سبیل إلی هذه الإشکالات والتشکیکات فی شمول «ما لا یعلمون» لکلّ من الشبهة الموضوعیة والحکمیة؛ لما أشرنا أنّ لفظة «ما» تدلّ علی معنی مبهم فی جمیع الفقرات المصدّرة بـ «ما»، غایة الأمر بتعدّد الدالّ والمدلول وبالقرائن الخارجیة یستفاد من بعض الفقرات اختصاصها بالموضوعات ولا یستفاد ذلک من بعضها الآخر، وفقرة «ما لا یعلمون» من قبیل الثانی فیعمّ کلاً من الشبهات الحکمیة والموضوعیة، فتدبّر.
کتابجواهر الاصول (ج. ۵): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 369