المقصد السابع فی الشکّ

ذکر وتعقیب

ذکر وتعقیب

‏ثمّ إنّ المحقّق النائینی قدّس سرّه بعد أن ذکر إشکال عدم إمکان إرادة المفعول ‏‎ ‎‏المطلق والمفعول به من الموصول؛ لتباین نحوی تعلّق الفعل بهما، قال:‏

‏«‏‏والإنصاف: أنّه یمکن أن یراد من الموصول الأعمّ من التکلیف وموضوعه، ‏‎ ‎‏وإیتاء کلّ شی ء إنّما هو بحسبه؛ فإنّ إیتاء التکلیف إنّما یکون بالوصول ‏‎ ‎‏والإعلام، وإیتاء المال إنّما هو بإعطاء الله‌ تعالی وتملیکه، وإیتاء الشی ء فعلاً أو ‏‎ ‎‏ترکاً إنّما یکون بإقدار الله‌ تعالی علیه، ولا یلزم أن یکون المراد من الموصول ‏‎ ‎‏الأعمّ من المفعول به والمفعول المطلق، بل یراد منه خصوص المفعول به.‏

‏وتوهّم: أنّ المفعول به لابدّ وأن یکون له نحو وجود وتحقّق فی وعائه قبل ‏‎ ‎‏ورود الفعل علیه، ویکون الفعل موجباً لإیجاد وصف علی ذات المفعول، کقولک: ‏‎ ‎‏«‏‏اضرب زیداً‏‏»‏‏، وعلیه یبتنی إشکال الزمخشری ـ خلافاً للمشهور ـ فی قوله ‏‎ ‎‏تعالی: (‏خَلَقَ الله‌ السَّماواتِ‏)‏‎[1]‎‏ من أنّه لا یمکن أن یکون (‏السَّماواتِ‏)‏‏ مفعولاً ‏‎ ‎‏به؛ لأنّه لا وجود للسماوات قبل ورود الخلق علیها.‏

‏فعلی هذا لا یمکن أن یتعلّق التکلیف بالتکلیف علی نحو تعلّق الفعل بالمفعول ‏‎ ‎‏به؛ ضرورة أنّه لم یکن للتکلیف نحو وجود سابق عن تعلّق التکلیف به، بل وجوده ‏‎ ‎‏إنّما یکون بنفس إنشاء التکلیف؛ لأنّ المفعول المطلق من کیفیات الفعل.‏


کتابجواهر الاصول (ج. ۵): تقریر ابحاث روح‏ الله‏ موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 346
‏فاسد: لأنّ المفعول المطلق النوعی والعددی یصحّ جعله مفعولاً به بنحو من ‏‎ ‎‏العنایة؛ مثلاً: الوجوب والتحریم‏‎[2]‎‏ وإن کان وجودهما بنفس الإیجاب والإنشاء ‏‎ ‎‏ولیس لهما نحو تحقّق فی المرتبة السابقة، إلا أنّهما باعتبار مالهما من المعنی ‏‎ ‎‏الإسم المصدری یصحّ تعلّق التکلیف بهما. نعم هما بمعنی المصدری لا یصحّ ‏‎ ‎‏تعلّق التکلیف بهما، فتأمّل‏‎[3]‎‏.‏

‏وفیه: أنّ محذور جعل اسم المصدر مفعولاً به أشدّ من جعل المصدر مفعولاً ‏‎ ‎‏به؛ لأنّه یختصّ بمحذور بعد اشتراکهما فی محذور.‏

‏أمّا المحذور المشترک: فهو أنّ حیثیة المفعول به حیثیة تعلّق الفعل بما هو ‏‎ ‎‏موجود فی الخارج، بخلاف حیثیة تعلّق الفعل بالمصدر واسمه، فإنّه لا یمکن أن ‏‎ ‎‏یجعل مفعولاً به؛ ضرورة أنّه لا یمکن أن یراد فی ‏‏«‏‏ضربت ضرباً‏‏»‏‏ أنّ الضرب ‏‎ ‎‏متجاوز عن الفاعل واقع علی المصدر أو اسمه بأن صار الضرب مضروباً، وکذا ‏‎ ‎‏لا یصحّ تعلّق التکلیف بالوجوب والحرمة علی نحو المفعول به ولو بلحاظ الاسم ‏‎ ‎‏المصدری؛ لعدم معنی محصّل لتعلّق التکلیف والبعث والزجر بهما بأن یوجب ‏‎ ‎‏الوجوب ویحرّم التحریم، بل الإیجاب والتحریم یتعلّقان بالموضوعات الخارجیة ‏‎ ‎‏کالصلاة والخمر.‏

‏وأمّا المحذور المختصّ باسم المصدر: فهو أنّ اعتبار اسم المصدر متأخّر عن ‏‎ ‎‏المصدر؛ لأنّه حاصل المصدر، فهو فی الرتبة المتأخّرة عن المصدر، واعتبار ‏‎ ‎‏المفعول به مقدّم علی المصدر؛ لأنّ إضافة المصدر بین الفعل والفاعل قائم به فی ‏‎ ‎‏الاعتبار، فاعتبار حاصل المصدر واسمه متأخّر عن اعتبار المفعول به برتبتین، ‏‎ ‎

کتابجواهر الاصول (ج. ۵): تقریر ابحاث روح‏ الله‏ موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 347
‏ومعلوم أنّ محذور الجمع بین أمر یکون متأخّراً عنه برتبتین أشدّ ممّا یکون ‏‎ ‎‏متأخّراً عنه برتبة.‏

‎ ‎

کتابجواهر الاصول (ج. ۵): تقریر ابحاث روح‏ الله‏ موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 348

  • . العنکبوت (29): 44.
  • . قلت: کذا فی التقریر والظاهر الحرمة. [المقرّر قدّس سرّه]
  • . فوائد الاُصول 3: 332 ـ 333.