ذکر وتعقیب
ثمّ إنّ المحقّق النائینی قدّس سرّه بعد أن ذکر إشکال عدم إمکان إرادة المفعول المطلق والمفعول به من الموصول؛ لتباین نحوی تعلّق الفعل بهما، قال:
«والإنصاف: أنّه یمکن أن یراد من الموصول الأعمّ من التکلیف وموضوعه، وإیتاء کلّ شی ء إنّما هو بحسبه؛ فإنّ إیتاء التکلیف إنّما یکون بالوصول والإعلام، وإیتاء المال إنّما هو بإعطاء الله تعالی وتملیکه، وإیتاء الشی ء فعلاً أو ترکاً إنّما یکون بإقدار الله تعالی علیه، ولا یلزم أن یکون المراد من الموصول الأعمّ من المفعول به والمفعول المطلق، بل یراد منه خصوص المفعول به.
وتوهّم: أنّ المفعول به لابدّ وأن یکون له نحو وجود وتحقّق فی وعائه قبل ورود الفعل علیه، ویکون الفعل موجباً لإیجاد وصف علی ذات المفعول، کقولک: «اضرب زیداً»، وعلیه یبتنی إشکال الزمخشری ـ خلافاً للمشهور ـ فی قوله تعالی: (خَلَقَ الله السَّماواتِ) من أنّه لا یمکن أن یکون (السَّماواتِ) مفعولاً به؛ لأنّه لا وجود للسماوات قبل ورود الخلق علیها.
فعلی هذا لا یمکن أن یتعلّق التکلیف بالتکلیف علی نحو تعلّق الفعل بالمفعول به؛ ضرورة أنّه لم یکن للتکلیف نحو وجود سابق عن تعلّق التکلیف به، بل وجوده إنّما یکون بنفس إنشاء التکلیف؛ لأنّ المفعول المطلق من کیفیات الفعل.
کتابجواهر الاصول (ج. ۵): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 346
فاسد: لأنّ المفعول المطلق النوعی والعددی یصحّ جعله مفعولاً به بنحو من العنایة؛ مثلاً: الوجوب والتحریم وإن کان وجودهما بنفس الإیجاب والإنشاء ولیس لهما نحو تحقّق فی المرتبة السابقة، إلا أنّهما باعتبار مالهما من المعنی الإسم المصدری یصحّ تعلّق التکلیف بهما. نعم هما بمعنی المصدری لا یصحّ تعلّق التکلیف بهما، فتأمّل.
وفیه: أنّ محذور جعل اسم المصدر مفعولاً به أشدّ من جعل المصدر مفعولاً به؛ لأنّه یختصّ بمحذور بعد اشتراکهما فی محذور.
أمّا المحذور المشترک: فهو أنّ حیثیة المفعول به حیثیة تعلّق الفعل بما هو موجود فی الخارج، بخلاف حیثیة تعلّق الفعل بالمصدر واسمه، فإنّه لا یمکن أن یجعل مفعولاً به؛ ضرورة أنّه لا یمکن أن یراد فی «ضربت ضرباً» أنّ الضرب متجاوز عن الفاعل واقع علی المصدر أو اسمه بأن صار الضرب مضروباً، وکذا لا یصحّ تعلّق التکلیف بالوجوب والحرمة علی نحو المفعول به ولو بلحاظ الاسم المصدری؛ لعدم معنی محصّل لتعلّق التکلیف والبعث والزجر بهما بأن یوجب الوجوب ویحرّم التحریم، بل الإیجاب والتحریم یتعلّقان بالموضوعات الخارجیة کالصلاة والخمر.
وأمّا المحذور المختصّ باسم المصدر: فهو أنّ اعتبار اسم المصدر متأخّر عن المصدر؛ لأنّه حاصل المصدر، فهو فی الرتبة المتأخّرة عن المصدر، واعتبار المفعول به مقدّم علی المصدر؛ لأنّ إضافة المصدر بین الفعل والفاعل قائم به فی الاعتبار، فاعتبار حاصل المصدر واسمه متأخّر عن اعتبار المفعول به برتبتین،
کتابجواهر الاصول (ج. ۵): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 347
ومعلوم أنّ محذور الجمع بین أمر یکون متأخّراً عنه برتبتین أشدّ ممّا یکون متأخّراً عنه برتبة.
کتابجواهر الاصول (ج. ۵): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 348