أصالة عدم التذکیة فی الشبهة الموضوعیّة
هذا کلّه فی الشبهة الحکمیّة، وأمّا الشبهة الموضوعیّة، کما لو وجد هناک حیوان زهق روحه، لکن لا یعلم أنّه مذکّیً بالکیفیّة الشرعیّة أو لا، وکما لو شُکّ فی وجود شرط أو عدم مانع، وفرض عدم أصل یُحرز به ذلک، فأصالة عدم التذکیة جاریة فیه مع قطع النظر عن الإشکال المتقدّم الساری فی جمیع أقسام الشبهة.
وأمّا لو شُکّ فی قطعة لحم أو جلد أنّها من الغنم المذکّیٰ الموجود، أو من الغیر المذکّیٰ الموجود، فإن قلنا : إنّ التذکیة وعدمها من أوصاف الغنم، لا من أجزائها ـ کما هو الحقّ ـ فلا أصل یجری فی هذه القطعة من اللّحم أو الجلد یحرز به أنّها من المذکّیٰ أو من غیره؛ لعدم جریان الأصل فی الغنمین؛ للعلم بأنّ أحدهما غیر مذکّیً، والمفروض عدم جریانه فی أجزاء الغنم.
وإن قلنا : بأنّ التذکیة وعدمها من أوصاف أجزاء الغنم، فأصالة عدم التذکیة فی هذه القطعة جاریة.
هذا إذا کان کلّ واحد من المذکّیٰ والغیر المذکّیٰ معلوماً متعیّناً، ولو اشتبه أحدهما بالآخر مع العلم بأنّ أحدهما غیر مذکّیً، فإن قلنا بجریان الأصل فی أطراف العلم الإجمالی ـ لعدم استلزامه المخالفة العملیّة ـ فأصالة عدم التذکیة جاریة فی القطعة، فیحکم بطهارتها وحلّیّتها، والجلد المأخوذ من أحدهما .
وإن قلنا بعدم جریانه فی أطراف العلم الإجمالی مطلقاً أو قلنا بتساقطهما، وحینئذٍ تصل النوبة إلیٰ أصالتی الحلّیّة والطهارة؛ سواء قلنا بجریانهما فی خصوص الغنمین، وإجراء حکم المُلاقی والمُلاقیٰ بالنسبة إلیٰ القطعة؛ لیکون الحکم فیها تابعاً لهما، أم قلنا بجریانهما فی کلّ واحد من الغنمین والقطعة، فیتساقط الأصلان فی کلّ واحد منها، ولا أصل غیرهما یُحرز به الطهارة والحلّیّة ولا عدمهما.
کتابتنقیح الاصول (ج. ۳): تقریر ابحاث روح الله الموسوی الامام الخمینی (س)صفحه 328
هذا کلّه إذا فرض الغنمان فی مورد الابتلاء.
وأمّا مع خروجهما عن مورد الابتلاء فالأصل فی المأخوذ منه هذه القطعة جارٍ ولو علیٰ القول بعدم جریان الاُصول فی الخارج عن مورد الابتلاء؛ لأنّ هذه القطعة منه مورد الابتلاء، فأصالة عدم التذکیة فی المأخوذ منه هذه القطعة لامانع من جریانها، فیحکم بعدم التذکیة فیه؛ لعدم الفرق فی جریان الأصل بین أن یکون أصل الغنم المأخوذ منه هذه القطعة مورداً للابتلاء أو القطعة المأخوذة منه کذلک، ولا معارض لهذا الأصل؛ لعدم جریانه فی الطرف الآخر لخروجه عن مورد الابتلاء رأساً.
ولو کان المأخوذ منه هذه القطعة خارجاً عن مورد الابتلاء، والآخر داخلاً فیه، فأصالة عدم التذکیة جاریة فی کلّ واحد منهما : أمّا فی المأخوذ منه هذه القطعة فلما ذکر: من أنّ هذه القطعة داخلة فی مورد الابتلاء ، وهو کافٍ فی جریان الأصل فی المأخوذ منه الخارج عنه، وأمّا فی الآخر فلأنّ المفروضَ دخولُهُ فی مورد الابتلاء، فیتساقط الأصلان أیضاً .
وأمّا التفصیل بین الطهارة والحلّیّة الذی ذکره صاحب «الروضة»، وأطال المیرزا النائینی الکلام فیه، فهو ـ أیضاً ـ غیر صحیح، ولایهمنّا التعرّض له.
کتابتنقیح الاصول (ج. ۳): تقریر ابحاث روح الله الموسوی الامام الخمینی (س)صفحه 329