حدیث الحلّیة
وممّا استدلّ به فی المقام : روایة مسعدة بن صدقة : (کلّ شیء هو لک حلال حتّیٰ تعلم أنّه حرام بعینه، فتدعه من قِبَل نفسک، وذلک مثل الثوب یکون علیک، قد اشتریته وهو سرقة، والمملوک عندک لعلّه حرٌّ قد باع نفسه، أو خُدِعَ فبیع قهراً، أو امرأة تحتک وهی اُختک أو رضیعتک، والأشیاء کلّها علیٰ هذا حتّیٰ یستبین لک غیر هذا، أو تقوم به البیّنة) وصدرها وإن یعمّ الشبهة الحکمیّة، لکن قد یقال باختصاصها بالشبهات الموضوعیّة بقرینة التمثیل فی ذیلها بالموضوعات الخارجیّة، خصوصاً مع التعبیر فی التمثیل بقوله علیه السلام : (وذلک مثل الثوب ...) إلخ، فإنّ الإتیان باسم الإشارة یُشعر بانطباق الکبریٰ المذکورة علیٰ هذه الأشیاء ونظائرها خاصّة، وبقرینة قوله: (حتّیٰ تقوم به البیّنة) المختصّة بالموضوعات
کتابتنقیح الاصول (ج. ۳): تقریر ابحاث روح الله الموسوی الامام الخمینی (س)صفحه 275
الخارجیّة، لا الأحکام الشرعیّة.
ویمکن دفع ذلک : بأنّ الأمثلة التی ذکرها الإمام علیه السلام وإن کانت من الموضوعات، لکن لا ینافیها عمومیّة الکبریٰ المذکورة فی صدرها وشمولها للأحکام أیضاً، ولعلّ ذکره علیه السلام الأمثلة المذکورة فی ذیلها لأجل احتیاج المخاطب إلیٰ حکم الشبهة الموضوعیّة لا الحکمیّة وأنّها محل ابتلائه .
وأمّا قوله علیه السلام : (والأشیاء کلّها...) الخ، فلا یلزم أن یکون کلّ واحد من الاستبانة وقیام البیّنة فی کلّ واحدة واحدة من الشبهات، بل یمکن ذکرهما باعتبار تحقّق مجموعهما فی مجموع موارد الشبهات، بل الاستبانة إنّما هی فی جمیع موارد الشبهة، ویختصّ قیام البیّنة فی الشبهات الموضوعیّة.
ولکن هنا إشکال آخر : وهو أنّ الحلّیّة فی الأمثلة المذکورة فیها مستندة إلیٰ اُصول وقواعد اُخریٰ غیر أصالة البراءة، مثل قاعدة الید بالنسبة إلیٰ الثوب المُشتریٰ من السوق، أو الاستصحاب کاستصحاب عدم تحقّق النسب بینه وبین الزوجة، أو أصالة الحرّیّة فی الإنسان المشکوک حرّیّته، ولا مجال معها لأصالة البراءة؛ لحکومتها علیها؛ لزوال الشکّ بهذه الاُصول والقواعد، فلا تصل النوبة إلیٰ أصالة البراءة.
ویمکن دفعه : بأنّ المقصود هو بیان ما هو الوظیفة بحسب العمل الخارجی والجری العملی، وأنّ المشکوک حرمته حلال؛ سواء کان هناک ما یقتضی الحلّیّة من الاُصول والأمارات أم لا.
أو یقال : المقصود هو الحکم بالحلّیّة من حیث الشکّ، مع قطع النظر عن قیام
کتابتنقیح الاصول (ج. ۳): تقریر ابحاث روح الله الموسوی الامام الخمینی (س)صفحه 276
أصل أو أمارة علیٰ وفق أصالة الحلّیّة.
هذا کلّه فی الاستدلال بالأخبار.
کتابتنقیح الاصول (ج. ۳): تقریر ابحاث روح الله الموسوی الامام الخمینی (س)صفحه 277