المطلب السادس الأمارات المعتبرة عقلاًوشرعاً

الفصل الأوّل ترتیب مباحث الاُصول

الفصل الأوّل ترتیب مباحث الاُصول

‏ ‏

‏اختلف القوم فی بیان مجاری الاُصول العملیّة وتقسیمها‏‎[1]‎‏، والتحقیق فیه أن‏‎ ‎‏یقال: إنّ المکلّف إذا التفت إلی الحکم الشرعی الواقعی فإمّا أن یحصل له القطع به‏‎ ‎‏تفصیلاً، أو إجمالاً کأن یقطع بوجوب صلاة الجمعة أو الظهر مثلاً.‏

‏وإمّا أن یحصل له القطع بقیام الأمارة علی الحکم الواقعی: إمّا تفصیلاً کالقطع‏‎ ‎‏بقیام الأمارة علیٰ وجوب صلاة الجمعة، أو إجمالاً کما لو قطع بقیام الأمارة إمّا علیٰ‏‎ ‎‏وجوب صلاة الظهر أو صلاة الجمعة.‏

‏وإمّا أن لا یحصل له القطع ؛ لا بالحکم الواقعی، ولا بالأمارة علیه؛ لا إجمالاً،‏‎ ‎‏ولا تفصیلاً. وحینئذٍ فإمّا أن تقوم هناک حجّة علیٰ الواقع، کما لو فرض لشکّه حالة‏‎ ‎‏سابقة ملحوظة، وإمّا أن لا تقوم هناک حجّة علیٰ الواقع، کما فیما لیس لشکّه حالة‏‎ ‎‏سابقة ملحوظة، فالأوّل مجریٰ الاستصحاب، وهو حجّة علیٰ الواقع، والثانی مجریٰ‏‎ ‎‏البراءة.‏


کتابتنقیح الاصول (ج. ۳): تقریر ابحاث روح‏ الله الموسوی الامام الخمینی (س)صفحه 199
وانقدح بذلک :‏ أنّ بعض مباحث الاشتغال داخل فی مباحث القطع، وهو‏‎ ‎‏العلم الإجمالی بالحکم الواقعی من غیر فرق بین الشبهة المحصورة والغیر‏‎ ‎‏المحصورة، ولا وجه للبحث عنه فی باب آخر، ولا معنیٰ لاحتمال الرُّخصة فیه فی‏‎ ‎‏بعض الأطراف، فإنّ الاحتمال المذکور ممّا لا یمکن اجتماعه مع العلم الإجمالی‏‎ ‎‏بالحکم الواقعی الفعلی کما لایخفیٰ.‏

‏کما أنّ بعض مباحث الاشتغال داخل فی مبحث الظنّ والأمارات، مثل ما إذا‏‎ ‎‏تعلّق العلم الإجمالی بقیام أمارة معتبرة علیٰ الحکم الواقعی، فلا وجه لجعل باب‏‎ ‎‏الاشتغال باباً علیٰ حِدَة.‏

‏وأمّا البحث فی دوران الأمر بین المحذورین فلا ینبغی أن یُجعل له بابٌ‏‎ ‎‏مستقلّ علی الانفراد، وسیأتی الکلام فیه فی ضمن المباحث الآتیة.‏

‏وأمّا مبحث التعادل والترجیح فهو من متعلّقات مبحث الأمارات.‏

فتلخّص :‏ أنّ أبواب المباحث فی الکتاب أربعة :‏

الأوّل :‏ باب القطع.‏

الثانی :‏ باب الأمارات والظنّ.‏

الثالث :‏ باب البراءة .‏

الرابع :‏ باب الاستصحاب .‏

‏ولابدّ من مراعاة هذا الترتیب بحسب العمل ـ أیضاً ـ فإنّ القطع متیٰ حصل‏‎ ‎‏لابدّ من العمل علیٰ وفقه، ولا تصل النوبة معه إلی العمل بالأمارات، والأمارات‏‎ ‎‏مقدَّمة بحسب العمل علیٰ الاستصحاب، ثمّ البراءة، فمباحثها متأخّرة عن الجمیع،‏‎ ‎‏وذلک فی القطع واضح؛ لانتفاء موضوع الأمارات والاُصول معه، وإنّما الکلام فی‏‎ ‎‏غیره من المراتب، وهی تقدُّم العمل بالأمارات علیٰ الاستصحاب، والاستصحاب‏‎ ‎‏علیٰ البراءة.‏

‎ ‎

کتابتنقیح الاصول (ج. ۳): تقریر ابحاث روح‏ الله الموسوی الامام الخمینی (س)صفحه 200

  • )) فرائد الاُصول : 2 سطر 6، کفایة الاُصول : 296، فوائد الاُصول 3 : 4 ـ 5.