آیة النبأ
فمن الکتاب : قوله تعالیٰ فی سورة الحجرات : «إنْ جَاءَکُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ
کتابتنقیح الاصول (ج. ۳): تقریر ابحاث روح الله الموسوی الامام الخمینی (س)صفحه 159
فَتَبَیَّنُوا» واستدلّ بها بوجوه :
الأوّل : بمفهوم الشرط : فإنّ تعلیق وجوب التبیُّن فیها علیٰ مجیء الفاسق بالنبأ، یقتضی انتفاء الوجوب عند عدم مجیء الفاسق بالنبأ، فلو جاء عادل بنبأ فإمّا أن یجب ردّه بدون التبیّن وهو باطل؛ لأنّه یلزم أن یکون العادل أسوأ حالاً من الفاسق، وإمّا أن یُقبل منه بدون التبیُّن، وهو المطلوب.
الثانی : من جهة مفهوم الوصف : بأن یقال: ظاهر الآیة أنّ العلّة لوجوب التبیُّن هو وصف الفسق للمخبِر، لا وصف أنّه خبر واحد، وإلاّ کان الأولیٰ أن یُعلّل وجوب التبیُّن به؛ لأنّه ذاتیّ، وأسبق رتبةً من وصف الفسق.
الثالث : أنّ الظاهر من الآیة أنّ العلّة لوجوب التبیُّن هو وصف فسق الجائی بالنبأ للمناسبة العرفیّة بینهما، بخلاف خبر الواحد فإنّه لا تناسب بینه وبین وجوب التبیّن.
هذه خلاصة الوجوه التی استدلّوا بهذا علیٰ حجّیّة خبر العادل.
أقول : لابدّ أوّلاً من ملاحظة معنی الآیة وما یستفاد منها ؛ لیظهر الحال فی صحّة الاستدلال بها وسُقمه ، فنقول :
الظاهر بل المتبادر أن قوله تعالیٰ : «فَتَبَیَّنُوا» لیس هو جواب الشرط؛ لأنّ معناه: فتثبّتوا وتفحّصوا، واستظهِروا الواقع عند مجیء الفاسق بالنبأ، واتّبعوا علمکم، ولا تتّکلوا علیٰ خبر الفاسق، وحینئذٍ فالعمل بالعلم لا بالخبر، فهو کنایة عن الجواب، والجواب الحقیقی هو النهی عن الاعتناء بنبأ الفاسق، فکنّیٰ عنه بقوله:
کتابتنقیح الاصول (ج. ۳): تقریر ابحاث روح الله الموسوی الامام الخمینی (س)صفحه 160
«فَتَبَیَّنُوا»وحینئذٍ فعلیٰ فرض ثبوت المفهوم لها لا تدلّ علیٰ جواز التعبّد بخبر الواحد مستقلاًّ، وحینئذٍ فیمکن أن یعتبر فی جواز العمل بخبر الواحد شروط اُخر؛ وأنّ خبر العادل جزء الموضوع للتعبُّد به.
والحاصل : أنّ الآیةَ الشریفة ـ علیٰ فرض ثبوت المفهوم للجملة الشرطیّة أو الوصفیّة ـ ساکتةٌ عن جواز العمل بخبر الواحد العادل مستقلاًّ؛ وأنّ خبر العادل تمام الموضوع لجواز التعبّد به.
کتابتنقیح الاصول (ج. ۳): تقریر ابحاث روح الله الموسوی الامام الخمینی (س)صفحه 161