المرحلة الثالثة فی الاشتغال

ذکر وتعقیب

ذکر وتعقیب

‏وقد تصّدی المحقّق العراقی قدس سره لتصویر الزیادة الحقیقیة فی الأجزاء والشرائط ‏‎ ‎‏وأوضحه بمقدّمات لا تخلو عن خلط. ‏

‏منها: أنّه یعتبر فی صدق الزیادة الحقیقیة فی الشیء أن یکون الزائد من سنخ ‏‎ ‎‏المزید علیه، وبدونه لا یکاد یصدق عنوان الزیادة الحقیقیة، فلا تصدق الزیادة ‏‎ ‎‏علی الکلام الأجنبیّ من الصلاة مثلاً. ‏

‏ومنها: أنّه یعتبر فی صدق الزیادة کون المزید فیه محدوداً بحدّ مخصوص ‏‎ ‎‏ولو اعتباراً. ‏

‏ومنها: أنّ اعتبار المرکّب وتقدیره قبل تعلّق الأمر به یتصوّر علی أنحاء ثلاثة. ‏

‏أحدها: أن یعتبر الأجزاء والشرائط فی مقام التقدیر بشرط لا عن الزیادة فی ‏‎ ‎‏مقام الوجود والتحقّق. ‏

‏ثانیها: أن یعتبرها لا بشرط عن الزیادة بحیث لو زید علیه لکان الزائد خارجاً ‏‎ ‎‏عن مهیة المرکب، لعدم اللحاظ بالزائد عند اعتباره جزءاً، کما لو فرض أنّه اعتبر ‏‎ ‎‏فی جعل مهیة الصلاة ذات الرکوع الواحد لا مقیّداً بشرط عدم الزیادة، ولا طبیعة ‏‎ ‎‏الرکوع؛ فإنّ فی مثله یکون الوجود الثانی من الرکوع خارجاً عن الصلاة لعدم ‏‎ ‎‏تعلّق اللحاظ به فی مهیة الصلاة. ‏

‏وثالثها: أن یعتبر طبیعة الرکوع مثلاً جزءاً للصلاة بنحو اللا بشرط بحیث لو ‏‎ ‎

کتابجواهر الاصول (ج. ۶): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 358
‏زید علیه لکان الزائد أیضاً من المرکّب وداخلاً فیها لا خارجاً عنه، کما لو اعتبر ‏‎ ‎‏طبیعة الرکوع الجامعة بین الواحد والمتعدّد فی کلّ رکعة من الصلاة لا الرکوع ‏‎ ‎‏الواحد. ‏

‏فبعد ما عرفت ذلک فنقول: لازمه خروج الوجود الثانی عن دائرة المطلوبیة أو ‏‎ ‎‏بالمعنی الثانی الراجع إلی کون المطلوب هو صرف الوجود المتحقّق بأوّل ‏‎ ‎‏الوجود. ‏

‏أمّا علی الأوّلین فظاهر؛ لأنّ الوجود الثانی من طبیعة الجزء ممّا یصدق علیه ‏‎ ‎‏الزیادة بالنسبة إلی ما اعتبر فی المأمور به من تحدید الجزء بالوجود الواحد؛ ‏‎ ‎‏حیث أنّه یتعلّق الأمر بالصلاة المشتملة علی رکوع واحد تتّحد طبیعة الصلاة ‏‎ ‎‏بالقیاس إلی دائرة المأمور به منها یکون الوجود بالنسبة إلی ذلک الحدّ من ‏‎ ‎‏الزیادة لقلب حدّه إلی حدّ آخر وإن لم تصدق الزیادة لا مجال لتصویر الزیادة ‏‎ ‎‏علی الاعتبار الأوّل؛ لرجوعها إلی النقیصة، وکذا علی الاعتبار الثانی؛ لأنّ الزائد ‏‎ ‎‏علیه لیس من سنخ المزید علیه؛ لخروج الوجود الثانی عن دائرة اللحاظ، ‏‎ ‎‏فیستحیل اتّصافه بالصلاة؛ لأنّه بعد خروج الوجود الثانی عن دائرة اللحاظ فی ‏‎ ‎‏مقام جعل مهیة الصلاة، فیستحیل اتّصاف الوجود الثانی بالصلاتیة. ‏

‏وأمّا علی الاعتبار الثالث، فیتصوّر الزیادة الحقیقیة سواء اُخذ الجزء فی مقام ‏‎ ‎‏الأمر بشرط لا، أو لا بشرط بالمعنی الأوّل الذی لازمه خروج الوجود الثانی عن ‏‎ ‎‏دائرة المطلوبیة أو بالمعنی الثانی الراجع إلی کون المطلوب هو صرف الوجود ‏‎ ‎‏المتحقّق بأوّل الوجود. ‏

‏أمّا علی الأوّلین فظاهر؛ لأنّ الوجود الثانی من طبیعة الجزء ممّا یصدق علیه ‏‎ ‎

کتابجواهر الاصول (ج. ۶): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 359
‏الزیادة بالنسبة إلی ما اعتبر فی المأمور به من تحدید الجزء بالوجود الواحد، ‏‎ ‎‏حیث إنّه یتعلّق الأمر بالصلاة المشتملة علی رکوع واحد تتّحد طبیعة الصلاة ‏‎ ‎‏بالقیاس إلی دائرة المأمور به منها یکون الوجود بالنسبة إلی ذلک الحدّ من ‏‎ ‎‏الزیادة بقلب حدّه إلی حدّ آخر وإن لم تصدق الزیادة بالنسبة إلی المأمور به بما ‏‎ ‎‏هو مأمور به.‏

‏وکذلک الأمر علی الأخیر؛ إذ بانطباق صرف الطبیعی علی الوجود الأوّل فی ‏‎ ‎‏المتعاقبات یتحدّد دائرة المرکّب والمأمور به بجدّ قهراً یکون الوجود الثانی ‏‎ ‎‏زیادة فی المرکّب والمأمور به، فتأمّل‏‎[1]‎‏. انتهی ملخّصاً.‏

‏أقول: فیما أتعب علی نفسه فی تصویر الزیادة الحقیقیة تأمّلات لعلّه أشار إلیها ‏‎ ‎‏أو إلی بعضها بالأمر بالتأمّل. ‏

‏منها: أنّ الفرض الثانی الذی ذکره لاعتبار الأجزاء والشرائط ممّا لا محصّل ‏‎ ‎‏له، لأنّه لا یخلو إمّا أن یعتبر الجزء کالرکوع فی الصلاة بشرط لا وبقید الوحدة، ‏‎ ‎‏أو لا بشرط، ولا یخفی أنّ اعتبار الأوّل هو الفرض الأوّل الذی ذکره، واعتبار ‏‎ ‎‏الثانی یرجع إلی الفرض الثالث، والواقع لا یخلو عن أحدهما فلیس اعتبار ‏‎ ‎‏الفرض الثانی اعتبار فرض آخر وراء الفرض الأوّل والثالث. ‏

‏ومنها: أنّه یرد علی ما ذکره فی الفرض الثالث من فرض الجزء أو الشرط، لا ‏‎ ‎‏بشرط أنّه لو اعتبر نفس طبیعة الجزء أو الشرط، فمعناه أنّ نفس طبیعة الرکوع ‏‎ ‎‏مثلاً اعتبرت جزءاً للصلاة، وواضح أنّ طبیعة الرکوع بتمامها تتحقّق فی الخارج ‏‎ ‎

کتابجواهر الاصول (ج. ۶): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 360
‏بأوّل فرد من الرکوع فی الرکعة، فیصیر جزءاً للصلاة، فلا یصیر الفرد الثانی من ‏‎ ‎‏الرکوع جزءاً لها. ‏

‏ومنها: أنّ الظاهر من کلامه ـ کما صرّح به فی أواخر کلامه ـ أنّ ما یعتبره قبل ‏‎ ‎‏الحکم غیر ما تعلّق به الحکم وبهذا یزیل تصویر الزیادة وهذا بمکان من الغرابة ‏‎ ‎‏ولغو؛ بداهة أنّ اعتبار المرکّب قبل تعلّق الحکم لا بشرط، ثمّ تعلیق الحکم بها ‏‎ ‎‏بنحو بشرط لا، أو لا بشرط بالبعض الثانی لغو محض لا یترتّب علی الاعتبار ‏‎ ‎‏المتقدّم والرجوع عنه أثر، مع أنّ الاعتبار قبل تعلّق الحکم مقدّمة لتعلّق ‏‎ ‎‏الحکم به. ‏

‏وبالجملة: لا معنی للاعتبار بنحو قبل تعلّق الحکم، ثمّ الرجوع عنه وتعلیق ‏‎ ‎‏باعتبار آخر، والجمع بین الاعتبارین لأجل التنافی بینهما غیر ممکن. ‏

‏ومنها: أنّه لو سلّم ذلک لا تتصوّر الزیادة؛ لأنّ ما یوجب البطلان هو الزیادة فی ‏‎ ‎‏المکتوبة والمأمور به، والموضوع الذی اعتبره قبل تعلّق الحکم ولم یؤمر به لم ‏‎ ‎‏یکن مکتوبة ولا مرتبطة بالمکلّف حتّی تکون صلاة له وزیادة. ‏

‏ومنها: أنّ الزیادة المتخیّلة لا تکون فی المأمور به کما اعترف به ولا یمکن ‏‎ ‎‏أن تکون فی الطبیعة اللابشرطیة؛ لفرض کونها علی نحو لو زید علیه لکان الزائد ‏‎ ‎‏أیضاً من المرکّب، فأین الزیادة؟ ‏

‏فظهر أنّ تصویر المحقّق العراقی قدس سره الزیادة الحقیقیة فی الأجزاء والشرائط غیر ‏‎ ‎‏صحیح، ووقوع الزیادة فی الأجزاء والشرائط علی وزان وقوع النقیصة فیهما ‏‎ ‎‏باطل من غیر فرق بین أنحاء الاعتبارات المذکورة.‏


کتابجواهر الاصول (ج. ۶): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 361
‏نعم، تصویر الزیادة بالمعنی العرفی بمکان من الإمکان، فتصدق الزیادة ‏‎ ‎‏العرفیة علی ما إذا رکع ثانیاً مثلاً ویصدق علیه أنّه زاد فی صلاته، فتدبّر. ‏

‎ ‎

کتابجواهر الاصول (ج. ۶): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 362

  • . نهایة الأفکار 3: 436 ـ 438.