المرحلة الثالثة فی الاشتغال

ذکر وتعقیب

ذکر وتعقیب

‏إذا أحطت خبراً بما ذکرنا یظهر لک ضعف ما أفاده المحقّقین النائینی ‏‎ ‎‏والخراسانی فی المقام: ‏

‏أمّا المحقّق النائینی قدّس سرّه فذهب إلی الاحتیاط ونفی البراءة إذا کان الأقلّ ‏‎ ‎‏والأکثر من قبیل الجنس والنوع فقال: ‏

‏إنّ التردید بین الجنس والنوع وإن کان یرجع بالتحلیل العقلی إلی الأقلّ ‏‎ ‎‏والأکثر إلا أنّه خارجاً بنظر العرف یکون من التردید بین المتباینین؛ لأنّ الإنسان ‏‎ ‎‏بما له من المعنی المرتکز فی الذهن مباین للحیوان عرفاً، فلو علم إجمالاً ‏‎ ‎‏بوجوب إطعام الإنسان أو الحیوان، فاللازم هو الاحتیاط بإطعام خصوص ‏‎ ‎‏الإنسان؛ لأنّ نسبة حدیث الرفع إلی کلّ من وجوب إطعام الإنسان أو الحیوان ‏‎ ‎‏علی حد سواء، وأصالة البراءة فی کلّ منهما تجری وتسقط بالمعارضة مع ‏‎ ‎‏الاُخری فیبقی العلم الإجمالی علی حاله، فلابدّ من العلم بالخروج عن عهدة ‏‎ ‎‏التکلیف ولا یحصل ذلک إلا بإطعام خصوص الإنسان؛ لأنّه جمع بین الأمرین؛ ‏‎ ‎‏فإنّ إطعام الإنسان یستلزم إطعام الحیوان أیضاً‏‎[1]‎‏. ‏

‏توضیح الضعف أوّلاً: أنّ مرجع ما أفاده إلی المناقشة فی المثال؛ لأنّ الإنسان ‏‎ ‎‏والحیوان وإن کانا بنظر العرف من قبیل المتباینین إلا أنّه لیس فی جمیع موارد ‏‎ ‎‏التردید بین النوع والجنس کذلک، کما إذا دار الأمر بین الحیوان والفرس؛ ‏‎ ‎‏فإنّهما لیسا بنظر العرف من قبیل المتباینین، فلو دار الأمر بینهما، فلا مناص من ‏‎ ‎

کتابجواهر الاصول (ج. ۶): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 316
‏البراءة، کما لو دار الأمر بین مطلق اللون واللون الأبیض أو مطلق الرائحة ورائحة ‏‎ ‎‏المسک، فإنّ الجمیع من قبیل الأقلّ والأکثر. ‏

‏وبالجملة: مرجع إشکاله إلی المناقشة فی المثال. ‏

‏وثانیاً: أنّه لو کان الدوران بین الإنسان والحیوان من قبیل المتباینین فطریق ‏‎ ‎‏الاحتیاط هو الجمع بینهما فی الإطعام لا إطعام خصوص الإنسان کما ذکره. ‏

‏وما ذکره من أنّ إطعام الإنسان یستلزم إطعام الحیوان أشبه شیء بالمناقضة، ‏‎ ‎‏بل ما ذکره هو الدلیل علی انحلال العلم الإجمالی؛ لأنّ إطعام الإنسان إذا کان ‏‎ ‎‏إطعام الحیوان أیضاً لابدّ وأن یکون عنوان الحیوان منطبقاً علیه ومعه یکون ‏‎ ‎‏الحیوان متیقّناً والزائد مشکوکاً فیه، فتدبّر. ‏

‏وأمّا المحقّق الخراسانی قدس سره فقال: إنّ الصلاة مثلاً فی ضمن الصلاة المشروطة ‏‎ ‎‏أو الخاصّة موجودة بعین وجودها وفی ضمن صلاة اُخری فاقدة لشرطها ‏‎ ‎‏وخصوصیاتها تکون متباینة للمأمور بها کما لا یخفی‏‎[2]‎‏. ‏

‏توضیح الضعف: هو أنّ فیما أفاده خلطاً واضحاً لما أشرنا إلیه آنفاً من أنّ ‏‎ ‎‏الکلّی الطبیعی موجود فی الخارج بنعت الکثرة لا بنعت التباین؛ لأنّ الطبیعی لمّا ‏‎ ‎‏لم یکن فی حدّ ذاته واحداً ولا کثیراً فلا محالة یکون مع الواحد واحداً ومع ‏‎ ‎‏الکثیر کثیراً، فیکون الطبیعی موجوداً مع کلّ فرد بتمام ذاته ویکون متکثّراً بتکثّر ‏‎ ‎‏الأفراد غیر مباین. ‏

‏فزید إنسان وعمرو إنسان آخر وخالد إنسان ثالث وهکذا لا أنّهم متباینون فی ‏‎ ‎‏الإنسانیة، بل متکثّرون فیها وإنّما التباین فی لحوق عوارض مصنّفة ومشخّصة ‏‎ ‎

کتابجواهر الاصول (ج. ۶): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 317
‏کما لا یخفی، وواضح أنّ التباین فی الخصوصیات لا یجعل المهیة المتّحدة مع ‏‎ ‎‏کلّ فرد وخصوصیة متباینة مع الاُخری؛ فإنّ الإنسان بحکم کونه مهیة بلا شرط ‏‎ ‎‏شیء غیر مرهون بالوحدة والکثرة وهو مع الکثیر کثیر، فالإنسان بتمام حقیقته ‏‎ ‎‏متّحد مع کلّ خصوصیة والإنسان متکثّر بتکثّر الأفراد غیر متباین مع الکثرة هذا ‏‎ ‎‏إجمال المقال وتفصیله یطلب من أهله ومحلّه، فتدبّر. ‏

‏أضف إلی ذلک أنّ کون الطرفین متباینین غیر مفید أصلاً لما أشرنا من أنّ ‏‎ ‎‏المیزان فی ذلک هو ما یقع تحت دائرة الطلب وقد أشرنا إلی أنّ متعلّق الأحکام ‏‎ ‎‏إنّما هو العناوین والمهیات ومن الواضح أنّ مطلق الصلاة أو الصلاة المشروطة ‏‎ ‎‏بالطهارة مثلاً من قبیل الأقلّ والأکثر، فتدبّر جیّداً. ‏

بقی أمران:

کتابجواهر الاصول (ج. ۶): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 318

  • . فوائد الاُصول 4: 208.
  • . کفایة الاُصول: 417.