ذکر وإرشاد
وبعد ما أشرنا من سقوط العلم الإجمالی عن التأثیر فی أطراف الشبهة غیر المحصورة، هل یسقط حکم الشبهة البدویة عن الأطراف أیضاً بحیث یکون عادم الشبهة أو یکون لها حکمها؟
فلو علم بأنّ مایعاً مضافاً بین الأوانی غیر المحصورة هل یجوز التوضّأ من بعض الأطراف أم لا؟
فإن کان بحکم الشبهة البدویة فلا یصحّ التوضّأ به للشکّ فی کونه مایعاً مطلقاً أو مضافاً، فکما أنّه لا یصحّ التوضّأ من ماء شکّ فی إطلاقه وإضافته بالشبهة البدویة؛ لأنّه لابدّ من إحراز کون ماء الوضوء مطلقاً فکذلک لا یصحّ التوضّأ من بعض أطراف الشبهة غیر المحصورة، وأمّا إن کان عادم الشبهة فیجوز التوضّأ.
فعلی المختار فی الشبهة غیر المحصورة حیث قلنا إنّه إن کانت الأطراف بحدّ من الکثرة بحیث یکون انطباق المعلوم بالإجمال موهوناً لا یعتنی به العقلاء وخلاف المتعارف لدیهم یسقط حکم الشبهة البدویة عن الأطراف، فیجوز التوضّأ منه.
وبالجملة: علی المختار فی ضابط الشبهة غیر المحصورة تکون هناک أمارة عقلائیة علی عدم الإضافة، فیجوز التوضّئ منه.
وأمّا علی الضابط الذی أفاده المحقّق النائینی قدس سره فلازمه عدم سقوط حکم الشکّ عن الأطراف؛ لأنّ عدم حرمة المخالفة القطعیة الجائیة من قبل عدم إمکان الجمع فی الاستعمال اللازم منه عدم وجوب الموافقة القطعیة لا یلازم سقوط حکم الشکّ کما لا یخفی؛ لأنّه لا یری الأمارة العقلائیة علی نفی الشکّ فعلی
کتابجواهر الاصول (ج. ۶): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 238
مبناه قدس سره لا یجوز التوضّأ منه؛ لأنّه بحکم الشبهة البدویة، فکما أنّه فی مشکوک الإطلاق والإضافة فی الشبهة البدویة لا یصحّ التوضّأ منه؛ لعدم إحراز الشرط ـ وهو الإطلاق ـ فکذا فی أطراف الشبهة غیر المحصورة.
ولکنّ العلامة المقرّر رحمه الله قال: إنّ شیخنا الاُستاذ دام ظلّه یمیل إلی سقوط حکم الشبهة أیضاً.
وبالجملة: ما ذهب إلیه من سقوط حکم الشبهة فی أطراف الشبهة غیر المحصورة غیر وجیه علی مبناه فی سقوط العلم الإجمالی.
نعم علی المختار متّجه کما أشرنا إلیه، فتدبّر.
وأمّا لو کان المستند فی عدم الاجتناب فی أطراف غیر المحصورة الأخبار کقوله علیه السلام «کلّ شیء فیه حلال وحرام فهو لک أبداً حلال حتّی تعرف الحرام منه بعینه فتدعه» فإن قلنا: إنّ المراد بالحلّیة خصوص الحلّیة التکلیفیة، فلا یکاد ینفع، وإن اُرید بالحلّیة المعنی الشامل للحلّیة الوضعیة، فیحلّ له الوضوء بالماء المشتبه کونه مطلقاً أو مضافاً، فتدبّر.
کتابجواهر الاصول (ج. ۶): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 239