تنبیه: فیما أفاده شیخنا العلامة
قد عرفت ما تلوناه علیک حول القرشیة فیما أفاده شیخنا العلامة الحائری قدس سره:
بأنّه قال: إنّ القرشیة وعدمها، وکذا قبول التذکیة وعدمه من اللوازم الوجودیة المقارنة لأصل الوجود، بحیث لا توجد المرأة إلا مع إحدی الصفتین، وکذا الحیوان فعلیه لابدّ وإن یعترف قدس سره بعدم تمامیة الاستصحاب إذا کانت بنحو السالبة المحصلّة المرکّبة، إمّا لعدم المتیقّن السابق، أو لکونه مثبتاً.
وذلک لأنّه وإن لم یعتبر فی الاستصحاب ثبوت الأثر للمتیقّن السابق بل یکفیه ثبوته للمشکوک اللاحق، إلا أنّ المستصحب فی المقام لا یخلو إمّا أن تکون
کتابجواهر الاصول (ج. ۶): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 11
المرأة الموجودة، أو المرأة المعدومة، أو ذاتها وماهیاتها المنقسمة إلی الوجود والعدم.
فعلی الأوّل یقال: هذه المرأة الموجودة لم تکن من قریش حال العدم فالآن کذلک، ولکن لم یتمّ فیه رکن الاستصحاب؛ لعدم المتیقّن السابق؛ إذ لا یصدق علی هذه المرأة مع الإشارة إلی هذیتها أنّها حال العدم لم یکن کذا؛ لعدم انحفاظ الهذیة حال العدم؛ لأنّ التی لم تکن من قریش حال العدم هی المرأة المعدومة لا هذه المرأة.
وعلی الثانی أی کان المستصحب المرأة المعدومة، یقال: المرأة المعدومة لم تکن من قریش؛ لصدق السلب المحصّل مع عدم الموضوع أیضاً. وفیه أنّ المستصحب وإن کان متیقّناً فی السابق، إلا أنّ جرّه بالاستصحاب ثمّ إثبات المحمول؛ أی سلب القرشیة لعدلها؛ وهی المرأة الموجودة، تعدّ من إجراء حکم من موضوع إلی موضوع آخر.
وبالجملة: المتیقّن المرأة المعدومة والمشکوک المرأة الموجودة والحکم بسلب القرشیة عنها فی حال الشکّ تعویلاً علی سلبها عن المرأة المعدومة فی حال الیقین تعدّ من إسراء حکم موضوع إلی موضوع آخر، وذلک ممّا لا یرضیه العارف باُصول الاستصحاب أبداً.
وعلی الثالث أی کان المستصحب ذات المرأة وماهیتها، یقال: إنّ تلک الطبیعة لم تکن سابقة من قریش ولو لعدم الموضوع، فالآن کذلک، فیتوجّه علیه إشکال المثبتة؛ لأنّ استصحاب الجامع إنّما ینفع فی ترتّب الآثار الشرعیة المترتّبة علی نفس الجامع، وأمّا ترتیب آثار قسم منه فلا، نظیر استصحاب
کتابجواهر الاصول (ج. ۶): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 12
الحیوان الکلّی وترتیب آثار الفرد. وحیث إنّ حکم رؤیة الدم إلی خمسین إنّما هو للمرأة الموجودة التی لا تکون من قریش لا لماهیة المرأة وطبعها فلا یکاد ینفع استصحاب الجامع.
والسرّ فی ذلک: هو عدم مساعدة العقلاء حتّی مع نظرهم المسامحی فی الحکم باتّحاد الموجود والمعدوم؛ لأنّ غایة تسامحهم إنّما هی فی مثل صیرورة العنب زبیباً والرطب تمراً، حیث یساعدون باتّحاد القضیتین، حیث یرون أنّ هذا الموجود الخارجی؛ أی الزبیب، کان عنباً سابقاً بحیث إذا غلی یحرم، فالآن کما کان.
وعلیک بإجراء هذا المقال فی أصالة عدم قبول التذکیة، وأصالة عدم مخالفة الشرط للکتاب والسنّة.
ولیعلم: أنّ ما تلونا علیک هو الذی یقتضیه البحث الاُصولی، وإیّاک أن تعتمد بمجرّد ذلک فی بیان الحکم الشرعی لللحم المطروح، أو المرأة المشکوک حالها، أو الشرط المحتمل مخالفته للکتاب والسنّة، من دون المراجعة إلی المباحث الفقهیة المعدّة فی الفقه، ممّا تلونا علیک فی المقام الأوّل.
فظهر وتحقّق ممّا تلونا علیک فی المقام الأوّل عدم جریان أصالة عدم قبول التذکیة، وعلی تقدیر جریانها لا تفید؛ لعدم تنقیح موضوع الدلیل الاجتهادی بجریانها، وإن أوجب رفع الشکّ فی ناحیة المسبّب؛ وهو أصالة عدم التذکیة. وقد عرفت أنّ مجرّد ذلک لا یوجب جریان الأصل السببی وتقدّمه علی الأصل المسبّبی.
هذا کلّه فی المقام الأوّل.
کتابجواهر الاصول (ج. ۶): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 13