مبحث التعارض واختلاف الأدلّة

تحقیق المقام

تحقیق المقام

‏ ‏

‏والتحقیق أن یقال : إنّ عنوان المخالفة عنوان ومفهوم عامّ یعمّ جمیع أنحائها، مع‏‎ ‎‏قطع النظر عن القرائن الخارجیّة، وکذلک عنوان الموافقة؛ ضرورة ثبوت التناقض بین‏‎ ‎‏الموجبة الکلّیّة والسالبة الجزئیّة وبالعکس، مع أنّ المخالفة بینهما فی بعض المضمون لا‏‎ ‎‏تمامه، فلو قامت قرینة خارجیّة علی خروج بعض أنحاء المخالفات فهی المتّبعة، کما فی‏‎ ‎‏الخبرین المتعارضین بنحو العموم المطلق، وکذلک الخبر المخالف للکتاب کذلک فی غیر‏‎ ‎‏صورة ابتلائه بخبر معارض آخر، فإنّ الجمع العرفی العقلائی بینهما، قرینة علی عدم‏‎ ‎‏إرادة المخالف للکتاب بنحو العموم المطلق من الفرقة الاُولی؛ لاستقرار عمل‏‎ ‎‏الأصحاب ـ وسیرتهم المستمرّة فی الفقه ـ علی العمل بالخبر المخالف للکتاب بنحو‏‎ ‎‏العموم المطلق، وثبوت مقیِّدات ومخصِّصات کثیرة لعمومات الکتاب وإطلاقاته فی‏‎ ‎‏أخبار الآحاد، فهذا دلیل قطعیّ علی عدم إرادة المخالفة ـ بنحو العموم المطلق ـ‏‎ ‎‏للکتاب من الروایات الواردة فی الفرقة الاُولی.‏


کتابتنقیح الاصول (ج.۴): تقریر ابحاث روح‏ الله الموسوی الامام الخمینی (س)صفحه 563
‏وأمّا الفرقة الثانیة فلم تقم فیها هذه القرینة العقلیّة والدلیل، فتعمّ المخالفة‏‎ ‎‏المذکورة فیها جمیع أنحاء المخالفة، حتّی بنحو العموم المطلق، ولیس بناء العقلاء علی‏‎ ‎‏العمل بالخبر الأخصّ من الکتاب مع ابتلائه بالمعارض، فلو تعارض خبران؛ أحدهما‏‎ ‎‏مخالف للکتاب بنحو العموم المطلق ؛ أی کان أحد الخبرین أخصّ منه، فإنّه یرجَّح‏‎ ‎‏الخبر الآخر الموافق لعموم الکتاب بذلک.‏

وبالجملة :‏ لا مخالفة بین الفرقتین من الأخبار المتقدّمة؛ لأنّ الفرقة الاُولی‏‎ ‎‏محمولة علی غیر صورة المخالفة بنحو العموم المطلق بین الکتاب والخبر؛ للقرینة‏‎ ‎‏القطعیّة علی ذلک کما عرفت، بخلاف الفرقة الثانیة الواردة فی بیان علاج الخبرین‏‎ ‎‏المتعارضین، کصدور روایة عبد الرحمن بن أبی عبدالله ، فإنّه لا دلیل علی حمله علی‏‎ ‎‏غیر صورة المخالفة بنحو العموم المطلق، بل یبقی علی إطلاقه الشامل لجمیع أنحاء‏‎ ‎‏المخالفة، نعم مخالفة أحد الخبرین المتعارضین بنحو التباین، إنّما هی من باب تمییز‏‎ ‎‏الحجّة عن اللاّحجّة، لا ترجیح إحدی الحجّتین علی الاُخری.‏

ومن هنا یظهر :‏ عدم اتّحاد السیاق فی الفرقتین المذکورتین؛ لاختلاف الموضوع‏‎ ‎‏فیهما، وأنّ موضوع الحکم فی الفرقة الثانیة تعارُض الخبرین، بخلاف الفرقة الاُولی،‏‎ ‎‏فلا وجه لرفع الید عن إطلاق مصحَّحة عبد الرحمن بن أبی عبدالله .‏

‏ ‏

‎ ‎

کتابتنقیح الاصول (ج.۴): تقریر ابحاث روح‏ الله الموسوی الامام الخمینی (س)صفحه 564