الصورة الثالثة : إذا ورد عامّ وخاصّان بینهما عموم من وجه
لو ورد عامّ وخاصّان بینهما العموم من وجه، والخاصّان إمّا متوافقان فی الإیجاب والسلب ومخالفان للعامّ فیهما، نحو «أکرم کلّ عالم، ولا تکرم النحویّین، ولا تکرم الصرفیّین»، فإن لم یلزم من تخصیص العامّ بهما محذور الاستهجان، خُصِّص بهما معاً، وإلاّ یقع التعارض بین الخاصّین بالعرض، نظیر ما تقدّم فی الصورة الاُولی.
ولو اختلف الخاصّان فی الإیجاب والسلب، ووافق أحدُهما العامّ، فالخاصّان متعارضان فی مورد الاجتماع، ویخصّص العامّ بالخاصّ المخالف له فی مورد الافتراق، مثل «أکرم العلماء، ولا تُکرم النحویّین وأکرم الصرفیّین»، فالخاصّان متعارضان فی العالم النحوی الصرفی، ویخصّص العامّ بغیر النحوی المحض، ویبقی الصرفی المحض والنحوی الصرفی تحت العامّ، وتنقلب النسبة بین العامّ المخصَّص بغیر النحوی المحض، وبین «لاتکرم النحویّین» المخصِّص للعامّ بعد التخصیص، إلی العموم من وجه؛ لتصادقهما فی النحوی الصرفی، ویفارق العامّ فی الصرفی المحض، وتفارق الخاصّ فی النحوی المحض؛ لخروجه عن العامّ بالتخصیص له، وعدم إرادته بحسب الجدّ من العامّ، وعدم صلاحیّة العامّ للاحتجاج به بالنسبة إلیه؛ لأنّ المناط ملاحظة النسبة بین
کتابتنقیح الاصول (ج.۴): تقریر ابحاث روح الله الموسوی الامام الخمینی (س)صفحه 509
العامّ الذی هو حجّة ـ وتعلّق الإرادة الجدّیّة به ـ والدلیل الآخر، لا ما استُعمل فیه العامّ وإن لم یوجب ذلک تعنون العامّ بذلک ـ أی العلماء الغیر النحویین محضاً ـ لعدم إیجاب المخصِّص المنفصل ذلک.
فما ذکره المیرزا النائینی قدس سره ـ من صیرورة العامّ معنوناً بذلک؛ أی العلماء الغیر النحویین محضاً؛ سواء کان الخاصّ متّصلاً أم منفصلاًـ سهو من قلم المقرّر.
ولو اختلف الخاصّان فی الحکم، مع عدم موافقة أحدهما للعامّ، کما لو قیل: «یجب إکرام العلماء، ویحرم إکرام النحویّین، ویستحبّ إکرام الصرفیّین»، فالخاصّان متعارضان فی مورد تصادقهما، وهو النحوی الصرفی، ویُخصِّص کلّ واحد منهما العامّ فی مورد افتراقهما، فیخرج عنه النحویّ المحض والصرفی المحض، فیصیر مفاد العامّ وجوب إکرام العلماء، سوی النحوی المحض والصرفی المحض، وتتعارض الأدلّة الثلاثة فی النحوی والصرفی، وتنقلب النسبة بین العامّ وبین کلّ واحد من الخاصّین ـ بعد تخصیصه بهما ـ إلی العموم من وجه؛ لتصادق العامّ وقوله: «یحرم إکرام النحویّین» فی النحوی الغیر المحض، وافتراق الخاصّ عن العامّ فی النحوی المحض، وافتراق العامّ عن الخاصّ فی الفقهاء مثلاً.
وکذلک بینه وبین قوله: «یستحبّ إکرام الصرفیّین» بعد تخصیص العامّ عموم من وجه.
کتابتنقیح الاصول (ج.۴): تقریر ابحاث روح الله الموسوی الامام الخمینی (س)صفحه 510