حال الشکّ فی المعاملات
وأمّا المعاملات فالشکّ إمّا فی المعاملات التی صدرت منه بالمباشرة مع بقاء العین المبیعة فی الخارج، أو مع عدم بقائها بإتلاف منه أو بآفة سماویّة، والثانی شبهة مصداقیّة بقسمیه؛ لقوله علیه السلام : (من أتلف مال الغیر فهو له ضامن) وقاعدة الید واستصحاب عدم الانتقال، فلایجوز التمسّک بواحد منها؛ لاحتمال اعتبار علمه حین المعاملة بالحکم والموضوع، واحتمال الاختلال سهواً أو نسیاناً، الذی هو مورد قاعدة التجاوز المتقدّمة علی قاعدة الید وقاعدة «من أتلف» واستصحاب عدم النقل والانتقال.
أمّا الأوّل ـ وهو فرض بقاء العین ووجودها بعینها ـ ففیه :
أوّلاً : أنّه لایلزم من تجدید المعاملة وإیقاعها ثانیاً عسر ولا حرج.
وثانیاً : العین الموجودة المذکورة مردّدة بین کونها ملکاً له ولغیره، وهذا التردید والشکّ ناشٍ عن صحّة المعاملة الماضیة وعدمها، لکن لا مانع من جریان قاعدة أصالة الحِلّ هنا، نعم ذکر بعض عدم شمولها لهذا المورد، لکنّه لایضرّ بعد تحقّق الإجماع علیه وعدم دلیل آخر علی خلافه. هذا فی المعاملة المشکوکة الصادرة منه بالمباشرة.
وأمّا مع صدورها من الغیر وکالة عنه ـ کما هو الغالب فی عقد النکاح والطلاق، بل وکثیر من المبایعات والمعاوضات ـ فأصالة الصحّة فی فعل الغیر فیه محکّمة بلا إشکال.
کتابتنقیح الاصول (ج.۴): تقریر ابحاث روح الله الموسوی الامام الخمینی (س)صفحه 398
فانقدح من جمیع ما ذکرناه : عدم لزوم اختلال النظام والمعاش والعسر والحرج لو لم تعمّ قاعدة التجاوز والفراغ جمیع الأقسام والصور المتقدّمة واختصاصها ببعضها.
لایقال : فی جمیع الموارد التی لا یعلم المکلّف حاله حین العمل ـ من العلم والجهل حکماً أو موضوعاً أو معاً یوجد أصل یُحرز به کونه جاهلاً بذلک، وبه یندرج تحت الدلیل؛ لأنّ کلّ مکلّف مسبوق بالجهل حال صباه وعدم بلوغه، فباستصحابه یخرج المورد عن تحت قاعدة الفراغ، ویصیر مورداً للاستصحاب؛ أی استصحاب عدم الإتیان بالمشکوک، ویلزم ممّا ذکر لزوم العسر والحرج.
فإنّه یقال : نعم لو لم یعلم إجمالاً بنقض الحالة السابقة، وهذا العلم الإجمالی بکونه عالماً بالحکم والموضوع فی بعض أفعاله والأعمال الصادرة منه سابقاً متحقّق فی کلّ مکلّف، ومعه لا مجال للاستصحاب المزبور.
کتابتنقیح الاصول (ج.۴): تقریر ابحاث روح الله الموسوی الامام الخمینی (س)صفحه 399