الاستصحاب

الأمرالأوّل: إن ‏استصحاب العنوان المنطبق علی الخارج لیس بمثبت

الأمرالأوّل: إن استصحاب العنوان المنطبق علی الخارج لیس بمثبت

‏ ‏

‏تقدّم أنّ استصحاب کلّ من الکلّی والفرد لایُغنی عن استصحاب الآخر، ولا‏‎ ‎‏یترتّب علیه إلاّ آثار نفس المستصحب، فإن کان الموضوع للحکم هو الکلّی‏‎ ‎‏فاستصحاب فرده لایفید فی ترتّب ذلک الحکم، فإنّهما وإن اتّحدا فی الخارج، لکنّهما‏‎ ‎‏متغایران ومتمایزان بحسب العنوان وفی عالم تعلّق الأحکام بهما، ومجرّد اتّحادهما فی‏‎ ‎‏الخارج لایکفی فی ترتّب أحکام الکلّی باستصحاب الفرد؛ لما عرفت من أنّ المناط فی‏‎ ‎‏جریان الاستصحابات الموضوعیّة هو تنقیحها لموضوع الأدلّة الاجتهادیة، فإن کان‏‎ ‎‏للمستصحب أثر شرعیّ صحّ استصحابه، وإلاّ فلا؛ من غیر فرق بین أن یکون الکلّی‏‎ ‎‏من العناوین الانتزاعیّة ـ المنتزع عن مرتبة ذاته، أو بملاحظة أمر آخر فی منشأ انتزاعه‏‎ ‎‏ممّا هو المحمول بالضمیمة ـ وبین العناوین الذاتیّة.‏

فما یظهر من «الکفایة» :‏ من الفرق بین خارج المحمول والمحمول بالضمیمة‏‎ ‎‏ـ بترتیب آثار الکلّی؛ باستصحاب منشأ الانتزاع فی الأوّل دون الثانی‏‎[1]‎‏ ـ غیر‏‎ ‎‏مستقیم؛ لعدم الفرق بینهما، إلاّ توهّم : أنّ العنوان فی المحمول بالضمیمة کأ نّه أمر زائد‏

کتابتنقیح الاصول (ج.۴): تقریر ابحاث روح‏ الله الموسوی الامام الخمینی (س)صفحه 191
‏علی ذلک الموجود الخارجی فباستصحاب البیاض ـ مثلاً ـ لایثبت عنوان الأبیض‏‎ ‎‏لیترتّب علیه آثاره، بخلاف خارج المحمول، فإنّه عین وجود الفرد المنشأ لانتزاعه.‏

‏ولکنّه غیر فارق، فإنّ وجود المنتزع فی المحمول بالضمیمة أیضاً بعین وجود‏‎ ‎‏منشأ انتزاعه فی الخارج، ولا وجود له فیه سوی وجوده، لکن قد عرفت أنّ مجرّد‏‎ ‎‏الاتّحاد فی الخارج ، لایکفی فی ذلک مع تغایرهما فی عالم الموضوعیّة للأحکام،‏‎ ‎‏فالمنتزع فی عالم العنوان غیر المنتزع عنه، فاستصحاب أحدهما لایُغنی عن الآخر، کما‏‎ ‎‏لو فرض ثبوت حکم لعنوان الفوقیّة أو التحتیّة ونحوهما من الانتزاعیّات، فإنّها وإن‏‎ ‎‏اتّحدت فی الخارج مع منشأ انتزاعها، لکن منشأ انتزاعها ـ وهو الجسم الخارجی الذی‏‎ ‎‏هو فوق المرکز أو تحته ـ لیس متعلّق ذلک الحکم وموضوعه، فاستصحابه لایفید فی‏‎ ‎‏ترتّب ذلک الحکم.‏

‏نعم بعد وجود هذا العنوان فی الخارج وانطباقه علیه وسریان الحکم إلی‏‎ ‎‏الخارج، یحکم العرف بأنّ هذا الموجود فی الخارج موضوع للحکم، کما لو وجد فرد‏‎ ‎‏من العالِم الذی تعلّق به الحکم بوجوب الإکرام، فلو شکّ فی بقاء علمه یستصحب بقاء‏‎ ‎‏علمه واتّصافه بعنوان العالم، ویترتّب علیه الحکم بوجوب إکرامه، لکن الحکم‏‎ ‎‏بوجوب إکرامه إنّما هو من جهة أ نّه عالم، مع احتمال کون هذا العنوان واسطة فی ثبوت‏‎ ‎‏الحکم لا العروض.‏

وبعبارة اُخری :‏ الموضوع المأخوذ فی الدلیل الاجتهادی وإن کان هو عنوان‏‎ ‎‏العالم بنحو الکلّی، لکن بعد وجوده فی الخارج فهو واجب الإکرام، ولا مانع من‏‎ ‎‏استصحاب عالمیّته وترتّب ذلک الحکم علیه لاتّحاد القضیّة المتیقّنة مع المشکوکة؛ لأنّ‏‎ ‎‏الموضوع هو هذا الشخص الخارجی، وهو باقٍ بعد، ولا یراد هنا استصحاب الفرد‏‎ ‎‏وإثبات الکلّی، ولا فرق فی ذلک بین کون الکلّی المنطبق علیه من العناوین الذاتیّة لهذا‏

کتابتنقیح الاصول (ج.۴): تقریر ابحاث روح‏ الله الموسوی الامام الخمینی (س)صفحه 192
‏المصداق؛ ممّا هو من قبیل خارج المحمول، وبین غیره من المحمول بالضمیمة، ولا وجه‏‎ ‎‏للفرق بینهما.‏

فتلخّص :‏ أنّ ما فی «الکفایة» من الفرق المذکور غیر مستقیم؛ سواء اُرید‏‎ ‎‏استصحاب الفرد المنتزع عنه وإثبات الکلّی أم لا.‏

‏ ‏

‎ ‎

کتابتنقیح الاصول (ج.۴): تقریر ابحاث روح‏ الله الموسوی الامام الخمینی (س)صفحه 193

  • )) کفایة الاُصول : 474 .