حکومة الاستصحاب التعلیقی علی التنجیزی
والتحقیق فی الجواب عن الإشکال : أ نّه وإن أمکن تعدّد الشکّ فی المقام؛ أی الشکّ فی الحرمة التعلیقیّة وعدمها، والشکّ فی الحلّیّة المطلقة وعدمها، لکن مرجعهما إلی شکٍّ واحد، وهو أنّ العصیر الزبیبی بعد الغلیان حلال أو حرام، وحیث إنّ الشکّ عبارة عن التردید المتقوّم بالطرفین، فإذا تُعبّد بأحد الطرفین فلا محالة یزول الشکّ والتردید، وحینئذٍ فدلیل هذا التعبّد حاکم علی الآخر، فإذا تعبّدنا باستصحاب الحرمة المعلّقة، والحکم بالحرمة الفعلیّة بعد الغلیان، وتعیّن أحد طرفی الشکّ والتردید، یزول الشکّ فی الحلّیّة لا محالة، ولایبقی مجال لاستصحابها، وهو معنی الحکومة.
لایقال : کما أ نّه یزول الشکّ المزبور باستصحاب الحرمة المعلّقة، کذلک یزول باستصحاب الحلّیّة المطلقة بعد الغلیان؛ لتعیّن أحد طرفی التردید والشکّ تعبّداً وزواله، فلا وجه لجعل استصحاب الحرمة المعلّقة حاکماً علی استصحاب الحلّیّة المطلقة، بل یمکن العکس.
لأ نّا نقول : إنّ الاستصحاب متقوّم بالشکّ الفعلی فی بقاء ما کان سابقاً، وظرف هذا الشکّ فی استصحاب الحرمة المعلّقة، قبل تحقّق الغلیان، وإلاّ فبعد حصوله لا شکّ فی بقاء ما کان سابقاً ـ أی الحرمة المعلّقة ـ بل یکون الشکّ فی حرمته الفعلیّة وظرف الشکّ فی حلّیّته المطلقة إنّما هو بعد تحقّق الغلیان، وإلاّ فهی مقطوع بها قبله، لاتفتقر إلی الاستصحاب، فقبل حصول الغلیان یجری استصحاب الحرمة المعلّقة لتحقّق أرکانه من الیقین السابق بها والشکّ اللاّحق الفعلیّین، ومفاد هذا الاستصحاب حرمة هذا العصیر بعد الغلیان تعبّداً، والحکم بأنّ هذا حرام، وحینئذٍ یزول الشکّ فی الحلّیّة
کتابتنقیح الاصول (ج.۴): تقریر ابحاث روح الله الموسوی الامام الخمینی (س)صفحه 175
والحرمة بذلک الاستصحاب تعبّداً، فلایبقی مجال لاستصحاب الحلّیّة المطلقة بعده، لتقوّمه بالشکّ الفعلی فیها، والمفروض انتفاؤه تعبّداً بجریان استصحاب الحرمة المعلّقة قبل تحقّق الغلیان، وهو معنی الحکومة .
وبالجملة : بعد تحقّق الغلیان فهو محکوم بالحرمة والنجاسة الفعلیّتین تعبّداً؛ لأ نّه نتیجة استصحاب الحرمة المعلّقة، وحینئذٍ فلایبقی شکّ فی الحلّیّة حتّی تستصحب.
کتابتنقیح الاصول (ج.۴): تقریر ابحاث روح الله الموسوی الامام الخمینی (س)صفحه 176