شهبة المحقّق النراقی رحمه الله
وکیف کان نقول تبعاً للقوم : ذکر النراقی قدس سره : أنّ جمیع الاستصحابات الحکمیّة ـ تکلیفیّة ووضعیّة ـ معارَضة باستصحاب العدم الأزلی، کما لو وجب الجلوس یوم الجمعة إلی الزوال، وشکّ فی بقاء الوجوب بعد الزوال، فإنّ استصحاب بقاء وجوبه بعد الزوال معارَض باستصحاب عدم الوجوب الأزلی، فإنّه یعلم بعدم وجوب
کتابتنقیح الاصول (ج.۴): تقریر ابحاث روح الله الموسوی الامام الخمینی (س)صفحه 152
الجلوس یوم الخمیس، وکذلک یوم الجمعة قبل الزوال وبعده قبل جعل الوجوب، فعلم بعد الجعل بوجوبه قبل الزوال یوم الجمعة إلی الزوال، وأمّا بعد الزوال فکما یستصحب وجوب الجلوس فیه الثابت قبله، کذلک یستصحب عدمه الأزلی.
ثمّ أورد علی نفسه : بأنّ اتّصال زمان الشکّ بزمان الیقین المعتبر فی الاستصحاب، مفقود بالنسبة إلی استصحاب العدم الأزلی، فیبقی استصحاب الوجوب بلا معارض؛ وذلک لأنّ أصل وجوب الجلوس قد ثبت قبل الزوال یوم الجمعة، فانقلب العدم الأزلی إلی الوجود، فالشکّ اللاّحق متّصل بوجوب الجلوس الفاصل بین العدم الأزلی والشکّ، فلا مجال فیه لاستصحاب العدم الأزلی، فیبقی استصحاب الجلوس بلا معارض.
وأجاب عنه بما حاصله توضیحاً منّا : أنّ هذا الإشکال إنّما یرد لو اُرید استصحاب عدم طبیعة الوجوب بنحو الإطلاق، فإنّه انتقض بإیجاب الجلوس قبل الزوال، لکن لیس المراد ذلک، بل المراد استصحاب عدم وجوب الجلوس المقیّد بما بعد الزوال، فالمستصحب هو عدم وجوب الجلوس المقیّد بما بعد الزوال، فإنّ هذا الوجوب المقیّد لم یکن فی الأزل، ولم ینتقض ذلک، والیقین به متّصل بزمان الشکّ، فهنا شکّ ویقینان ، ویتعارض استصحابهما. انتهی حاصل کلامه المحکیّ قدس سره.
والتحقیق فی حلّ الإشکال : أنّه إن اُخذت نفس طبیعة الجلوس موضوعة للوجوب، وکذلک فی عدم وجوبه، فعلی فرض جریان الاستصحابین فهما متعارضان؛ لاتّحاد موضوعهما، لکن لا مجال حینئذٍ لاستصحاب عدم وجوب الجلوس الأزلی؛ لانتقاضه بوجوبه قبل الزوال، فیجری استصحاب وجوبه بلا معارض.
وإن اُخذت نفس طبیعة الجلوس موضوعاً لوجوب الجلوس قبل الزوال،
کتابتنقیح الاصول (ج.۴): تقریر ابحاث روح الله الموسوی الامام الخمینی (س)صفحه 153
والجلوس المقیّد بما بعد الزوال موضوعاً لعدم الوجوب ـ فإنّه لم یکن فی الأزل ـ فالاستصحابان جاریان، لکن لا معارضة بینهما؛ لعدم اتّحاد موضوعیهما المعتبر فی التعارض، فإنّ الدلیلین إنّما یتعارضان إذا کان بینهما مناقضة ومدافعة، وهی متوقّفة علی وحدة موضوعیهما، ولیس ما نحن فیه کذلک؛ کیف ویمکن القطع بوجوب طبیعة الجلوس قبل الزوال، والقطع بعدم وجوب الجلوس بعد الزوال، فضلاً عن استصحابیهما، نظیر القطع بمطهِّریّة طبیعة الماء وعدم مطهِّریّة الماء المضاف أو ما فی الکوز.
کتابتنقیح الاصول (ج.۴): تقریر ابحاث روح الله الموسوی الامام الخمینی (س)صفحه 154