الاستصحاب

حال الشکّ فی العبادات

حال الشکّ فی العبادات

‏ ‏

‏أمّا العبادات الغیر الموقّتة فلایقع فیها الشکّ من المکلّفین إلاّ نادراً، وکذلک‏‎ ‎‏الصوم من الموقّتات؛ لأنّه أمر عدمیّ فلایقع فیه الشکّ غالباً.‏

‏وأمّا مثل الحجّ فهو أیضاً کذلک؛ لاهتمام الناس فی مقام امتثاله ومراعاة أحکامه،‏‎ ‎‏مع أنّ أکثر أعماله ممّا لایُبطل الحجّ بالإخلال به، وما یفسد بالإخلال به لایقع فیه‏‎ ‎‏الشکّ غالباً، کالوقوفین ونحوهما.‏

‏وأمّا مثل الصلاة من الموقّتات فالشکّ فیها وان یکثر وقوعه فیها، لکن قلّما‏‎ ‎‏یوجد من المکلّفین من یعلم بحاله حین العمل من العلم والجهل، والقاعدة لاتشمل‏‎ ‎‏مثل ذلک ـ کما عرفت ـ بل تختصّ بمن یعلم بالحکم والموضوع حین العمل، ویحتمل‏‎ ‎‏الإخلال بجزء أو شرط سهواً أو نسیاناً.‏

‏وأمّا الجاهل بهما أو بأحدهما حین العمل فلاتشمله القاعدة، بل هو مجری‏‎ ‎‏الاستصحاب.‏

‏وأمّا صورة من لا یعلم حاله حین العمل ـ من علمه بالحکم والموضوع أو‏‎ ‎‏جهله بهما أو بأحدهما ـ فهی شبهة مصداقیّة لقاعدة التجاوز، فلایصحّ التمسّک بها فیها،‏‎ ‎

کتابتنقیح الاصول (ج.۴): تقریر ابحاث روح‏ الله الموسوی الامام الخمینی (س)صفحه 396
‏وشبهة مصداقیّة للاستصحاب، فلایصحّ التمسّک بالاستصحاب فیها أیضاً.‏

‏وأمّا قاعدة الاشتغال فلایثبت وجوب القضاء علیه؛ لأنّ موضوع وجوب‏‎ ‎‏القضاء هو الفوت؛ أی عدم الإتیان بالصلاة فی الوقت، وحیث إنّ القضاء بأمرٍ جدید،‏‎ ‎‏فلایثبت ذلک بقاعدة الاشتغال.‏

‏مضافاً إلی أنّ المختار هو شمول قاعدة «لاتعاد» للشبهات الحکمیّة أیضاً، وأنّها‏‎ ‎‏مقدّمة علی الاستصحاب، فما نحن فیه شبهة مصداقیّة لها أیضاً، فلایجوز التمسّک بواحد‏‎ ‎‏من هذه القواعد فیه.‏

‏بل علی فرض اختصاصها بالشبهات الموضوعیّة فکذلک؛ لایصحّ التمسّک بها‏‎ ‎‏لاحتمال اعتبار الجهل بالموضوع فی المفروض أیضاً؛ لأنّ الغالب عدم جهل المکلّفین‏‎ ‎‏بأرکان الصلاة، بل الغالب فی المجهول هو غیرها من الخصوصیّات المعتبرة فی الصلاة‏‎ ‎‏من الأجزاء والشرائط.‏

والحاصل :‏ إن قلنا بشمول قاعدة «لاتعاد» للشبهات الحکمیّة‏‎[1]‎‏ فلا إشکال فی‏‎ ‎‏المقام؛ لأنّها محکّمة حینئذٍ، وإلاّ فکما لایجوز التمسّک بها، کذلک لایجوز التمسّک‏‎ ‎‏بالاستصحاب أیضاً؛ لیثبت به وجوب القضاء الذی یلزم منه العسر والحرج‏‎ ‎‏والاختلال فی النظام، فلیس فی المقام إلاّ قاعدة الاشتغال، وهی کما عرفت لاتفید‏‎ ‎‏وجوب القضاء. هذا کلّه فی العبادات.‏

‎ ‎

کتابتنقیح الاصول (ج.۴): تقریر ابحاث روح‏ الله الموسوی الامام الخمینی (س)صفحه 397

  • )) الظاهر أنّ قاعدة «لا تعاد» مضروبة لما إذا علم المکلّف بعد الصلاة بالإخلال ببعض أجزائها أو شرائطها سهواً، ولا تشمل ما لو لم یعلم بذلک، وشکّ فیه، فإنّ المضروب فیه هو قاعدة الفراغ، کیف ولو عمّت قاعدة «لاتعاد» صورة الشکّ منطوقاً ومفهوماً، لزم الإعادة لو شکّ بعد الصلاة فی رکن من أرکان الصلاة، فتتعارض مع قاعدة الفراغ حینئذٍ.