عقــد البیع وشرائطه

التحقیق فی المقام

التحقیق فی المقام 

‏والصحیح فی الجواب أن یقال : أمّا الإیراد من ناحیة فقد الملکیة فقد ذکرنا‏‎ ‎‏سابقاً: أنّه لایعتبر فی العقد الملکیّة السابقة علی ذلک‏‎[1]‎‏، ولذا یصحّ بیع الطیر‏‎ ‎‏والسمک مع القدرة علی الاستنقاذ وإن لم تحصل الملکیة بعدُ؛ لکون الطیر فی الهواء‏‎ ‎‏والسمک فی الماء، وأیضاً یصحّ بیع الکلّیّات، مع أنّها غیر مملوکة لأحد قبل العقد،‏‎ ‎‏وبعده یملکه المشتری فی ذمّة البائع.‏


کتابالبیع: تقریر لما افاده الامام الخمینی (س)صفحه 605
ولو قیل :‏ بأنّ مثل هذا العقد منافٍ لحقیقة المعاوضة والمبادلة، فإنّ الخارج‏‎ ‎‏عن ملکه المثمن هو المالک، والداخلَ فی ملکه الثمن العاقدُ، قیل علیه: إنّ العاقد‏‎ ‎‏وإن لم یکن مالکاً حال العقد، إلاّ أنّ هذا لایوجب خروج الإنشاء عن المعاوضة‏‎ ‎‏الحقیقیّة، فإنّ المفروض إنشاء العاقد الخروج عن ملکه والدخول فی ملکه، وهذا‏‎ ‎‏لایستلزم کونه مالکاً حینئذٍ، فالمعاوضة الإنشائیّة متحقّقة فعلاً وإن لم یترتّب علیها‏‎ ‎‏الأثر إلاّ بعد تحقّق الملکیّة.‏

إن قلت:‏ کیف یحصل الجدّ من المنشئ العاقد لنفسه، مع عدم کونه مالکاً حینئذٍ؟‏

قلت :‏ کیف یحصل الجدّ من الفضولی لنفسه أو لمالکه، مع أنّه لا یعلم‏‎ ‎‏بحصول الأثر؛ لاحتمال عدم تحقّق الإجازة؟! بل کیف یحصل الجدّ من الموجب‏‎ ‎‏بإدخال الثمن فی ملکه مع أنّه بید القابل؟!‏

وقد أجبنا عن هذا الإشکال :‏ بأنّ عدم الجزم بالتأثیر لایوجب عدم الجدّ‏‎ ‎‏بالإنشاء، ویحصل الجدّ بالإنشاء مع رجاء وجود سائر شرائط التأثیر، کما فی‏‎ ‎‏الموجب والفضولی، والمقام أیضاً کذلک‏‎[2]‎‏.‏

إن قلت :‏ إنّ البیع تبادل الإضافتین، وهذا لایمکن إلاّ مع الملکیّة السابقة.‏

قلت :‏ قد مرّ فساد ذلک‏‎[3]‎‏، وأنّ تبادل الإضافتین نتیجة البیع لا نفسه، ولا‏‎ ‎‏یعتبر فیه أزید من إنشاء التبادل؛ من دون حاجة إلی وجود إضافة واقعیّة قبله.‏

والحاصل :‏ أنّ الإشکال من جهة عدم ملکیّة من وقع له العقد، مندفع: بأنّ‏‎ ‎‏الملکیّة السابقة غیر دخیلة فی مفهوم العقد، فإنّ الجدّ حاصل، ولا یعتبر أزید من‏‎ ‎‏هذا الربط الخاصّ فی المفهوم بنظر العقلاء، وأیضاً إنّها غیر دخیلة فی صحّته، فإنّ‏‎ ‎‏احتمالها مدفوع بالإطلاقات.‏


کتابالبیع: تقریر لما افاده الامام الخمینی (س)صفحه 606
‏وبهذا یجاب عن إیراد عدم الرضا والقدرة علی التسلیم، فإنّ احتمال اعتبارهما‏‎ ‎‏فی المالک حین العقد، مدفوع بالإطلاقات، ولاسیّما فی الأخیر؛ لعدم دلیل لفظیّ فی‏‎ ‎‏اعتباره فی صحّة العقد مطلقاً، والدلیل علیه لیس إلاّ الإجماع وبناء العقلاء، ولا‏‎ ‎‏إجماع علی البطلان فی المقام، وصحّته غیر منافیة لبناء العقلاء، کما لایخفی‏‎[4]‎‏.‏

‏ ‏

‎ ‎

کتابالبیع: تقریر لما افاده الامام الخمینی (س)صفحه 607

  • )) تقدّم فی الصفحة 13 .
  • )) تقدّم فی الصفحة 456 ـ 457 .
  • )) تقدّم فی الصفحة 457 ـ 458 .
  • )) بل یمکن أن یقال : إنّ الرضا والقدرة علی التسلیم معتبران فیمن یقع له العقد، واعتبارهما إنّما هو حین ترتّب الأثر علیه، ومع عدم اعتبار الملکیّة حال العقد کما ذکرنا، واندفاع الإشکال من هذه الجهة، فلا مجال للإشکال من جهة الرضا والقدرة، فإنّهما حاصلان بعد حصول الملکیّة. المقرّر حفظه الله .