الشبهة فی الاستدلال ببناء العقلاء وجوابها

‏‏الشبهة فی الاستدلال ببناء العقلاء وجوابها‏

‏‏ ‏

‏‏لکن هنا شبهة تتوقّف استقامة هذا الدلیل علی دفعها، وإلاّ لم یتمّ ذلک، وهی أنّ‏‎ ‎‏الاستدلال ببناء العقلاء إنّما یتمّ لو ثبت هذا البناء منهم فی عصر الأئمّة ‏‏علیهم السلام‏‏ بمرأیً‏‎ ‎‏ومنظرهم، فإنّه حینئذٍ یصحّ أن یقال: إنّ عدم ردعهم ‏‏علیهم السلام‏‏عن ذلک کافٍ فی‏‎ ‎‏إمضائهم ‏‏علیهم السلام‏‏ له، وما نحن فیه لیس من هذا القبیل، فإنّ رجوع العامّی إلی الفقیه‏‎ ‎‏والمجتهد ـ بالاجتهاد المتعارف فی هذه الأعصار ـ أمر مستحدَث لم یکن فی‏‎ ‎‏زمانهم ‏‏علیهم السلام‏‏بل المحدِّثون فی عصرهم ‏‏علیهم السلام‏‏ یتلقّون الأحکام منهم ‏‏علیهم السلام‏‏ شفاهاً،‏‎ ‎‏ویروونها لغیرهم، وأین ذلک من الاجتهاد المتعارف فی هذه الأعصار، المتوقّف علی‏‎ ‎‏مُؤْنات ومشقّات کثیرة وإعمال الدقائق العلمیّة والعلوم المختلفة، کالعلوم الریاضیّة‏‎ ‎‏وغیرها؟!‏

‏‏وبالجملة :‏‏ الاستدلال ببناء العقلاء فیما نحن فیه ، إنّما یتمّ لو ثبت أحد أمرین‏
‏‎

‏‏أحدهما :‏‏ إثبات تحقّق الاجتهاد بهذا المعنی المتعارف فی هذا العصر فی‏‎ ‎‏عصرهم ‏‏علیهم السلام‏‏ ورجوع الجهّال بالأحکام إلیهم.‏

‏‏الثانی :‏‏ إثبات أنّ علی الأئمّة ‏‏علیهم السلام‏‏ الردع عن المبانی العقلائیّة الحادثة فی زمن‏‎ ‎‏الغیبة مع عدم رضا الشارع بها.‏

‏‏ومع عدم إثبات هذین الأمرین لم یتمّ الاستدلال.‏

‏‏لایقال :‏‏ إنّه ورد فی بعض الروایات : إرجاعهم إلی مثل زرارة‏‎[1]‎‏ والأسدی‏‎[2]‎‎ ‎‏ونحوهما‏‎[3]‎‏ لأخذ الأحکام، وبإلغاء الخصوصیّة یتمّ المطلوب، وهو جواز الرجوع إلی‏‎ ‎‏الفقهاء فی هذا العصر أیضاً.‏

‏‏لأنّه یقال :‏‏ إنّ ذلک إنّما یصحّ لو ثبت الاجتهاد بهذا المعنی المتعارف فی زماننا‏‎ ‎‏لأمثال زرارة والأسدی، والظاهر خلافه، بل لم یکن شأنهم إلاّ مجرّد نقل الروایة.‏

‏‏ ‏

‏‎ ‎

‏‎

• )) اختیار معرفة الرجال 2 : 347 / 216 ، وسائل الشیعة 18 : 104 ، کتاب القضاء ، أبواب صفات القاضی ، الباب 11 ، الحدیث 19 .
• )) اختیار معرفة الرجال 2 : 400 / 291 ، وسائل الشیعة 18 : 103 ، کتاب القضاء ، أبواب صفات القاضی ، الباب 11 ، الحدیث 15 .
• )) اختیار معرفة الرجال 2 : 628 / 620 ، وسائل الشیعة 18 : 105 ، کتاب القضاء ، أبواب صفات القاضی ، الباب 11 ، الحدیث 24 .