الشبهة فی الاستدلال ببناء العقلاء وجوابها
لکن هنا شبهة تتوقّف استقامة هذا الدلیل علی دفعها، وإلاّ لم یتمّ ذلک، وهی أنّ الاستدلال ببناء العقلاء إنّما یتمّ لو ثبت هذا البناء منهم فی عصر الأئمّة علیهم السلام بمرأیً ومنظرهم، فإنّه حینئذٍ یصحّ أن یقال: إنّ عدم ردعهم علیهم السلامعن ذلک کافٍ فی إمضائهم علیهم السلام له، وما نحن فیه لیس من هذا القبیل، فإنّ رجوع العامّی إلی الفقیه والمجتهد ـ بالاجتهاد المتعارف فی هذه الأعصار ـ أمر مستحدَث لم یکن فی زمانهم علیهم السلامبل المحدِّثون فی عصرهم علیهم السلام یتلقّون الأحکام منهم علیهم السلام شفاهاً، ویروونها لغیرهم، وأین ذلک من الاجتهاد المتعارف فی هذه الأعصار، المتوقّف علی مُؤْنات ومشقّات کثیرة وإعمال الدقائق العلمیّة والعلوم المختلفة، کالعلوم الریاضیّة وغیرها؟!
وبالجملة : الاستدلال ببناء العقلاء فیما نحن فیه ، إنّما یتمّ لو ثبت أحد أمرین
کتابتنقیح الاصول (ج.۴): تقریر ابحاث روح الله الموسوی الامام الخمینی (س)صفحه 618
علی سبیل منع الخلوّ:
أحدهما : إثبات تحقّق الاجتهاد بهذا المعنی المتعارف فی هذا العصر فی عصرهم علیهم السلام ورجوع الجهّال بالأحکام إلیهم.
الثانی : إثبات أنّ علی الأئمّة علیهم السلام الردع عن المبانی العقلائیّة الحادثة فی زمن الغیبة مع عدم رضا الشارع بها.
ومع عدم إثبات هذین الأمرین لم یتمّ الاستدلال.
لایقال : إنّه ورد فی بعض الروایات : إرجاعهم إلی مثل زرارة والأسدی ونحوهما لأخذ الأحکام، وبإلغاء الخصوصیّة یتمّ المطلوب، وهو جواز الرجوع إلی الفقهاء فی هذا العصر أیضاً.
لأنّه یقال : إنّ ذلک إنّما یصحّ لو ثبت الاجتهاد بهذا المعنی المتعارف فی زماننا لأمثال زرارة والأسدی، والظاهر خلافه، بل لم یکن شأنهم إلاّ مجرّد نقل الروایة.
کتابتنقیح الاصول (ج.۴): تقریر ابحاث روح الله الموسوی الامام الخمینی (س)صفحه 619