عقــد البیع وشرائطه

فی قیاس الردّ قبل الإجازة بالردّ قبل القبول

فی قیاس الردّ قبل الإجازة بالردّ قبل القبول 

‏ ‏

‏ثمّ إنّ الردّ قبل الإجازة ـ علی مسلکنا ـ یکون من قبیل الردّ قبل القبول؛ لما‏‎ ‎‏مرّ: من أنّ الإجازة والقبول أمر واحد، وهو نفوذ العقد الصادر من الموجب‏‎[1]‎‏، وأمّا‏‎ ‎‏علی مسلک القوم: من أنّ العقد مرکّب من الإیجاب والقبول‏‎[2]‎‏ والإجازة شرط‏‎ ‎‏للتأثیر‏‎[3]‎‏ـ وقد بنی علیه الشیخ ‏‏رحمه الله‏‏ أیضاً ـ فقیاس الردّ قبل الإجازة بالردّ قبل القبول‏‎ ‎‏مع الفارق؛ إذ فیه :‏

أوّلاً :‏ أنّ ما أفاده : من أنّ الإجازة تجعل المجیز أحد المتعاقدین، قد مرّ : أنّ‏‎ ‎‏الالتزام به بلا موجب ، بل إنّه غیر معقول، ومنافٍ لحقیقة الإجازة، بل حقیقتها‏‎ ‎‏إمضاء ما صدر من الغیر، والاحتیاج إلیها لحصول نحو ارتباط للعقد بالمالک؛ حتّی‏‎ ‎‏یکون مشمولاً لدلیل النفوذ علی ما مرّ بیان ذلک. ومغایرته للاستناد الواقع فی کلام‏

کتابالبیع: تقریر لما افاده الامام الخمینی (س)صفحه 551
‏بعضهم، وتوهّم: أنّ المخاطب بالوفاء بالعقد إنّماهو العاقدان، ممّا لاینبغی، بل‏‎ ‎‏المخاطب هو المرتبط به العقد بنحو من الارتباط، کما سبق.‏

وثانیاً :‏ أنّ الردّ قبل الإجازة إنّما هو بعد تمامیّة العقد، والردّ قبل القبول إنّما‏‎ ‎‏هو قبل تمامه علی مسلکهم، فکیف یقاس أحدهما بالآخر؟!‏

وبعبارة اُخری :‏ إنّه ولو سلّم صیرورة المجیز أحد المتعاقدین بالإجازة، لکنّه‏‎ ‎‏یکون عاقداً واقعاً لا إنشاء، والعقد الإنشائی المتقوّم بالعاقد المنشئ له تامّ علی‏‎ ‎‏الفرض، فلو قلنا بهدم الردّ الواقع بین العقد الإنشائی، أمکننا عدم تسلیم هدمه إذا‏‎ ‎‏وقع بعد العقد الإنشائی‏‎[4]‎‏.‏

وقد ظهر بما ذکر :‏ أنّ احتمال الهادمیّة وعدمها موجود، ولا دلیل علی الأوّل‏‎ ‎‏لو لم نقل بأنّ الهادمیّة تحتاج إلی الإثبات، فإنّ ملاحظة نظائر المسألة ، کتخلّل نیّة‏‎ ‎‏القطع فی الصلاة أو الحجّ أو العمرة وغیر ذلک من العبادات ـ عدا الصوم ـ وعدم‏‎ ‎‏حکمهم بالهادمیّة مع العود إلی النیّة الاُولی بعد ذلک، تدلّنا علی عدم الحکم بها ما لم‏‎ ‎‏تثبت بدلیل.‏

‏وکیف کان، فاحتمال عدم الهادمیّة لا دافع له، فیرجع الأمر إلی الاستصحاب،‏‎ ‎‏وسیأتی الکلام فیه.‏

‏ ‏

‎ ‎

کتابالبیع: تقریر لما افاده الامام الخمینی (س)صفحه 552

  • )) تقدّم فی الصفحة 206 ـ 207 .
  • )) اُنظر جواهر الکلام 22 : 206 ، والمکاسب : 80 / سطر 19.
  • )) المکاسب : 132 ـ 133 .
  • )) هذا مضافاً إلی أنّه لو کان المتعاقدان کلاهما فضولیّین، فردُّ أحد المالکین قبل إجازتهما إنّما هو من قبیل الردّ قبل العقد ـ علی ما ذکره الشیخ رحمه الله ـ لا من قبیل الردّ بین الإیجاب والقبول، والردّ قبل العقد لا أثر له، فالدلیل أخصّ من المدّعی. المقرّر دامت برکاته.