فی قیاس الردّ قبل الإجازة بالردّ قبل القبول
ثمّ إنّ الردّ قبل الإجازة ـ علی مسلکنا ـ یکون من قبیل الردّ قبل القبول؛ لما مرّ: من أنّ الإجازة والقبول أمر واحد، وهو نفوذ العقد الصادر من الموجب، وأمّا علی مسلک القوم: من أنّ العقد مرکّب من الإیجاب والقبول والإجازة شرط للتأثیرـ وقد بنی علیه الشیخ رحمه الله أیضاً ـ فقیاس الردّ قبل الإجازة بالردّ قبل القبول مع الفارق؛ إذ فیه :
أوّلاً : أنّ ما أفاده : من أنّ الإجازة تجعل المجیز أحد المتعاقدین، قد مرّ : أنّ الالتزام به بلا موجب ، بل إنّه غیر معقول، ومنافٍ لحقیقة الإجازة، بل حقیقتها إمضاء ما صدر من الغیر، والاحتیاج إلیها لحصول نحو ارتباط للعقد بالمالک؛ حتّی یکون مشمولاً لدلیل النفوذ علی ما مرّ بیان ذلک. ومغایرته للاستناد الواقع فی کلام
کتابالبیع: تقریر لما افاده الامام الخمینی (س)صفحه 551
بعضهم، وتوهّم: أنّ المخاطب بالوفاء بالعقد إنّماهو العاقدان، ممّا لاینبغی، بل المخاطب هو المرتبط به العقد بنحو من الارتباط، کما سبق.
وثانیاً : أنّ الردّ قبل الإجازة إنّما هو بعد تمامیّة العقد، والردّ قبل القبول إنّما هو قبل تمامه علی مسلکهم، فکیف یقاس أحدهما بالآخر؟!
وبعبارة اُخری : إنّه ولو سلّم صیرورة المجیز أحد المتعاقدین بالإجازة، لکنّه یکون عاقداً واقعاً لا إنشاء، والعقد الإنشائی المتقوّم بالعاقد المنشئ له تامّ علی الفرض، فلو قلنا بهدم الردّ الواقع بین العقد الإنشائی، أمکننا عدم تسلیم هدمه إذا وقع بعد العقد الإنشائی.
وقد ظهر بما ذکر : أنّ احتمال الهادمیّة وعدمها موجود، ولا دلیل علی الأوّل لو لم نقل بأنّ الهادمیّة تحتاج إلی الإثبات، فإنّ ملاحظة نظائر المسألة ، کتخلّل نیّة القطع فی الصلاة أو الحجّ أو العمرة وغیر ذلک من العبادات ـ عدا الصوم ـ وعدم حکمهم بالهادمیّة مع العود إلی النیّة الاُولی بعد ذلک، تدلّنا علی عدم الحکم بها ما لم تثبت بدلیل.
وکیف کان، فاحتمال عدم الهادمیّة لا دافع له، فیرجع الأمر إلی الاستصحاب، وسیأتی الکلام فیه.
کتابالبیع: تقریر لما افاده الامام الخمینی (س)صفحه 552