المناقشة فی الصغری
أمّا أنّ الإجازة تکشف عن الرضا التقدیری، فهذا الکشف: إمّا من کشف اللفظ عن مفاده، أو أنّه من کشف ذی المبدأ عن مبدئه، ولا مجال للقول بالأوّل، فإنّ مفاد «أجزتُ» لیس هو الرضا التقدیری بالعقد، فیبقی الثانی، وبما أنّ الإجازة من
کتابالبیع: تقریر لما افاده الامام الخمینی (س)صفحه 495
الأفعال الاختیاریّة للمجیز فلابدّ لها من مبادئ الفعل الاختیاری، ولایمکن أن یکون من مبادئه الرضا التقدیری؛ لعدم السنخیّة بین التقدیر والتنجیز، بل المبدأ للعقد التنجیزی هو الرضا الفعلی لاغیر، وحینئذٍ فلو اُرید من کشف الإجازة عن الرضا التقدیری : أنّ المبدأ لها ذلک فقط، فهو باطل؛ لعدم السنخیة.
وإن اُرید منه أنّ المبدأ لها الرضا التقدیری والفعلی معاً، فهذا أیضاً لایمکن؛ لعدم إمکان دخل التقدیر فی التنجیز بوجه، وعدم إمکان الجمع بین التقدیری والفعلی معاً فی المبدئیّة.
ولو اُرید به أنّ المبدأ هو الرضا الفعلی، وهو کاشف عن الرضا التقدیری حال العقد، فهذا التزام بعدم اعتبار الإجازة أوّلاً، فإنّ الکاشف هو الرضا الفعلی لا الإجازة، علی أنّ الرضا التقدیری معدوم، ولا معنی لکشف المعدوم.
مع أنّه لو سلّمنا أنّ المعتبر فی تمامیّة العقد هو الرضا التقدیری فلیس لردّه معنیً، فلو أجاز العقد بعد الردّ استُکشِفت تمامیّة العقد وورود الردّ علی معاملة تامّة.
فما ذکره : من أنّ الردّ موجب لزوال ارتباط العقد بالمالک، مناقضٌ لاعتباره الرضا التقدیری فی تمامیّة العقد.
وبالجملة : الرضا التقدیری لیس شیئاً غیر الفرض والتقدیر، فهو معدوم فلا معنی لکشفه بأیّ نحو من الکشف؛ لا بنحو کشف الحاکی عن المحکیّ وهذا ظاهر، ولا بنحو المعلول عن علّته وهذا واضح، ولا بنحو ذی المبدأ عن مبدئه؛ لعدم السنخیّة أوّلاً، وعدم إمکان المبدئیّة للعدم ثانیاً، ولا بنحو کشف الملازِم عن الملازَم بدعوی أنّ الإجازة أو الرضا الفعلی الذی هو مبدأ للإجازة ملزوم للرضا التقدیری؛ فإنّ الرضا التقدیری «لیسٌ» محض، ولا معنی لکونه لازماً لشیء، لا عقلاً ولا بنظر العقلاء.
نعم، یمکن دعوی الملازمة بنظر العقلاء بین الرضا الفعلی وقضیّة تعلیقیّة،
کتابالبیع: تقریر لما افاده الامام الخمینی (س)صفحه 496
وهی أنّه لو علم المالک بالعقد لرضی.
ولکن أوّلاً : هذا خلاف المدّعی فإنّ المدّعی دَخْل واقع الرضا التقدیری فی العقد، لا هذه القضیّة والرضا التقدیری معدوم.
وثانیاً : هذه القضیّة بإطلاقها غیر مسلّمة حتّی عند المستدِلّ، بل لها قید، وهو أنّه لو علم بالعقد وبالصلاح لرضی، وحینئذٍ لابدّ من دعوی الملازمة بین الصلاح فی زمان الإجازة والصلاح فی زمان العقد، ولا ملازمة بینهما؛ لا عقلاً ولا عقلائیّاً. هذا ما فی صغری کلامه رحمه الله.
کتابالبیع: تقریر لما افاده الامام الخمینی (س)صفحه 497