عقــد البیع وشرائطه

کلام المحقّق الخراسانی فی المقام ومناقشته

کلام المحقّق الخراسانی فی المقام ومناقشته 

‏ ‏

‏وقد تفصّی صاحب الکفایة ‏‏قدس سره‏‏ عن الإشکال بوجه آخر، وهو أیضاً من‏‎ ‎‏إرجاع المسألة إلی الشرط المقارن ـ وإن أسند تلمیذه المحقّق إلیه: أنّه ملتزم‏‎ ‎‏بالشرط المتأخّر‏‎[1]‎‏ ـ وذکر فی بیان ذلک :‏

‏أنّ الأفعال الاختیاریّة ـ ومنها الأحکام التکلیفیّة والوضعیّة ـ إنّما تتوقّف‏‎ ‎‏علی مبادئ علمیّة لما یرید الشخص أن یفعله ویأمر به عبده.‏

وبالجملة :‏ أنّ قیود الفعل بوجودها العلمی موقوفة علیها، لا بوجودها‏‎ ‎‏الخارجی؛ لعدم السنخیة بین الفعل الاختیاری وبینها بهذا الوجود، وإنّما هی بینه‏‎ ‎‏وبینها بوجودها العلمی، کما لایخفی.‏

‏وعلیه یکون حال السابق أو اللاحق بعینه حال المقارن فی الدخل؛ مثلاً: إذا‏‎ ‎‏فرض أنّ الذی یکون مؤثّراً بنظر الشارع هو العقد الخاصّ، الذی انتُزعت‏

کتابالبیع: تقریر لما افاده الامام الخمینی (س)صفحه 487
‏خصوصیّته من ملاحظة رضاء مقارن أو لاحق، فکما لا دخْل للرضاء المقارن‏‎ ‎‏حینئذٍ، إلاّ أنّه بملاحظته جعله الشارع سبباً، کذلک حال الرضاء اللاحق، فیکون‏‎ ‎‏دَخْل کلٍّ فی التأثیر نحو دَخْل الآخر فیه، وهو ملاحظة خصوصیّة العقد المنتزعة‏‎ ‎‏عن رضاء مقارن أو لاحق.‏

‏انتهی محصّل محلّ الحاجة من کلامه زِیدَ فی علوّ مقامه، فراجع فوائده‏‎[2]‎‎ ‎‏للإحاطة بتمام مرامه‏‎[3]‎‏.‏

وفیه :‏ أنّ المؤثّر فی الفعل الاختیاری وإن کان مبادئه العلمیّة، إلاّ أنّه فی‏‎ ‎‏الأحکام الوضعیّة زیادة علی غیرها من الأفعال الاختیاریّة، وهی أنّ الخصوصیّة‏‎ ‎‏الملحوظة المعلومة بالعرض، لابدّ وأن تکون قابلة للدَّخْل فی التأثیر؛ حتّی یکون‏‎ ‎‏لحاظها مبدأ لحکم الشارع به، فحکم الشارع بتأثیر العقد فی الملکیّة وإن لم یتوقّف‏‎ ‎‏علی الإجازة بوجودها الخارجی، بل یتوقّف علیها بوجودها العلمی، وهو لحاظها،‏‎ ‎‏إلاّ أنّه ما لم یکن الملحوظ المعلوم بالعرض ـ وهی خصوصیّة العقد المنتزعة عن‏‎ ‎‏الإجازة ـ قابلاً للتأثیر لم یکن لحاظها باعثاً لحکم الشارع به، وإلاّ لزم دخل لحاظ‏‎ ‎‏کلّ شیء فی حکم الشارع، وهذا واضح. وحینئذٍ نتکلّم فی هذه الخصوصیّة‏‎ ‎‏الملحوظة: هل هی منتزعة من الإجازة قبل وجودها، فهذا من الإشارة إلی المعدوم،‏‎ ‎‏أو بعدها فهذا لیس من الکشف فی شیء؟‏

وبالجملة :‏ لحاظ الشارع الإجازة بعد وجودها، وحکمه بالنفوذ مسبّباً عن‏‎ ‎‏هذا اللحاظ، موجبان لکون الإجازة ناقلة لا کاشفة، ولحاظه إیّاها قبل وجودها‏

کتابالبیع: تقریر لما افاده الامام الخمینی (س)صفحه 488
‏لایکون مبدأ للحکم، فإنّ الملحوظ ـ وهو إضافة العقد إلی الإجازة قبل وجودها ـ‏‎ ‎‏مستحیل کما مرّ.‏

‏فهذا الجواب أیضاً لایتمّ.‏

والتحقیق فی الجواب أن یقال:‏ إنّ المتضایفین ـ کالتقدّم والتأخّر ـ وإن کانا‏‎ ‎‏متکافئین قوّة وفعلاً، إلاّ أنّ هذه القاعدة مختصّة بالمفاهیم المتضایفة؛ والعناوین‏‎ ‎‏الإضافیة بالمعنی الإضافی المقولی، ولایلزم أن یکون مصداق المعنی الإضافی‏‎ ‎‏إضافیّاً کالعلّة والمعلول، وهکذا التقدّم والتأخّر بواقعهما لا مفهومهما.‏

وبالجملة :‏ أنّ الاُمور المتصرّمة والمتدرّجة فی الوجود، کالزمان والزمانیّات‏‎ ‎‏ـ تبعاً للزمان، فإنّ لها نحو اتّحاد معه، کما حقّق فی محلّه ـ لاتکون متصرّمة‏‎ ‎‏ومُتدرّجة، إلاّ إذا کان بعضها متقدّماً علی البعض الآخر بواقع التقدّم؛ وإن لم یکن‏‎ ‎‏المتأخّر حال وجود المتقدّم موجوداً، لکن یوجد فی ظرف وجوده، فالیوم مقدّم‏‎ ‎‏علی الغد بواقع التقدّم، والحرکة فی الساعة الاُولی مقدّمة علی الحرکة فی الساعة‏‎ ‎‏الثانیة کذلک وإن لم یوجد المتأخّر بالفعل، لکنّه یوجد فی ظرفه، ففرض التصرّم‏‎ ‎‏والتدرّج فی الوجود مع اتّصال الأجزاء، موجب لکون الجزء الأوّل متقدّماً حقّ‏‎ ‎‏التقدّم. نعم، لو انقطع الاتّصال لایثبت التقدّم لذلک، لکنّ المفروض أنّ عدم الانقطاع‏‎ ‎‏والاتّصال موجب لما ذکر حال وجود المتقدّم، ففی السلسلة المتدرّجة المتقدّم‏‎ ‎‏متقدّم بواقعه حال وجوده ولو قبل تحقّق المتأخّر، ولیس هذا من تأثیر وجود‏‎ ‎‏المتأخّر فی ثبوت التقدّم للمتقدّم؛ لیلزم محذور الشرط المتأخّر، بل المتقدّم متقدّم‏‎ ‎‏بذاته لذاته حقّ التقدّم وبواقعه.‏

إذا تمهّد ذلک فنقول :‏ یمکن أن یجاب عن الإشکال العقلی: بأنّ الموضوع فی‏‎ ‎‏الوضعیّات وما هو شرط فی متعلّق الأحکام، هو ما یکون متقدّماً بحسب الواقع‏‎ ‎‏علی حادث خاصّ؛ مثلاً: الموضوع فی صوم المستحاضة ما یکون متقدّماً بالتقدّم‏

کتابالبیع: تقریر لما افاده الامام الخمینی (س)صفحه 489
‏الواقعی علی الأغسال الآتیة تبعاً للزمان؛ بحیث لو لم توجد الأغسال فی محلّها لا‏‎ ‎‏یصیر الصوم متقدّماً بالذات علیها، وهکذا الأثر فی البیع الفضولی مترتّب علی العقد‏‎ ‎‏المتقدّم بالحقیقة تبعاً للزمان علی وقوع الإجازة؛ بحیث لایکون العقد متقدّماً علیها‏‎ ‎‏بواقع التقدّم التبعی إلاّ أن تکون الإجازة متحقّقة فی ظرفها، فوقوع الإجازة فی‏‎ ‎‏عمود الزمان المتأخّر یوجب کون العقد متقدّماً حق التقدّم، وهو متقدّم کذلک حال‏‎ ‎‏وجوده لوقوعها فی ظرفها.‏

هذا، ویمکن حلّ الإشکال بنظر العرف،‏ فإنّ الموضوعات الواقعة فی لسان‏‎ ‎‏الأدلّة اُمور عرفیّة لاتنالها ید الدقّة العقلیّة، والعرف یری الإضافة إلی المتقدّم‏‎ ‎‏والمتأخّر کالمقارن، ویری العقد متعقَّباً بالفعل مع عدم الإجازة الفعلیّة، فیصحّ انتزاع‏‎ ‎‏هذه العناوین عندهم لأجل الملاکات والتخییلات المرکوزة فی أذهانهم، ومن‏‎ ‎‏الممکن کون الأثر مترتّباً علی المتعقّب فی نظر العرف دون العقل، کما هو مقتضی‏‎ ‎‏أخذ الموضوعات من العرف‏‎[4]‎‏.‏


کتابالبیع: تقریر لما افاده الامام الخمینی (س)صفحه 490

کتابالبیع: تقریر لما افاده الامام الخمینی (س)صفحه 491

کتابالبیع: تقریر لما افاده الامام الخمینی (س)صفحه 492

  • )) کفایة الاُصول : 119 ، نهایة الدرایة 1 : 284 .
  • )) الفوائد (المطبوعة فی آخر حاشیته علی الرسائل) : 302 فائدة 6 / سطر 7 .
  • )) نقلنا ذلک عن فوائده، وعبارة الکفایة وحاشیته علی مکاسب الشیخ (حاشیة المکاسب، الآخوند الخراسانی: 59 ـ 60) مع اختلافهما یختلفان مع العبارة، کما تنبّه إلیه المحقّق الأصفهانی قدس سره أیضاً. ونقل سیّدنا الاُستاذ ذلک عن حاشیة المکاسب. المقرّر دامت برکاته.
  • )) أقول : هذا التدقیق والتعمّق العقلی من سیّدنا الاُستاذ المحقّق ـ مدّ ظلّه ـ وإن بلغ غایته ووصل نهایته، ولعلّه لم یکن له بدیل، إلاّ أنّه :     أوّلاً : لیس من تصحیح الشرط المتأخّر فی شیء، بل هو من التخلّص عنه إلی الشرط المقارن، نظیر صاحب الفصول وصاحب الکفایة.     وثانیاً : أنّه لایمکن الالتزام بذلک فی التکوینیّات، فإنّ الأمر المتقدّم بواقع التقدّم لایغایر حقیقته بحسب التکوین، مثلاً: لیس فی العقدِ المتقدّمِ وحقیقته شیءٌ زائد علی حقیقة نفس العقد، والاختلاف فی الأثر فی التکوین فرع اختلاف المؤثّر فی الحقیقة. نعم، یمکن الالتزام به فی باب التشریع، فإنّ للاعتبار فیه مجالاً، فیمکن اعتبار حقیقة العقد موضوعاً للأثر، ویمکن اعتبار العقد المتقدّم کذلک.     فإذا وصل الکلام إلی الاعتبار لنا أن نقول : ما المانع من اعتبار المعتبر نفس الأمر المتأخّر موضوعاً لحکمه المتقدّم، کمثالنا السابق، أو المرکّب من المتقدّم والمتأخّر موضوعاً له؟ ولانری أیّ مانع من اعتبار الشارع العقد الفعلی والرضا المتأخّر موضوعاً لحکمه بالنفوذ فعلاً؛ لا وجداناً، بل الوجدان شاهد علی إمکانه، ولا عقلاً، فإنّه اعتبار محض لما هو قابل للاعتبار، وهو أخذ الشیء موضوعاً للحکم ودخیلاً فیه اعتباراً. ولیس هذا من قبیل وقوع التناقض فی الاعتبار، کما مثّل به الشیخ رحمه الله فی مقام النقض، ولعلّه أظهر من أن یخفیٰ.     ولعمری إنّ إمکان الشرط المتأخّر بهذا المعنی من واضحات الاُصول، ولایحتاج إلی مثل هذه التدقیقات الرشیقة الفائقة.     وأمّا ما هو الدخیل فی متعلّق الحکم من الأمر المتأخّر، لیس إلاّ نظیر ماهو الدخیل فیه من الأمر المقارن والمتقدّم؛ من اعتبار تقیّد المأمور به فی المتعلّق، وکما أنّه لابدّ من تحصیل هذا التقیّد فی المقارن والمتقدّم، کذلک لابدّ من تحصیل هذا التقیّد فی المتأخّر أیضاً، وبما أنّ المقام مقام الاعتبار فلامانع من الأمر بما هو متقیّد کذلک؛ بحیث یقع المأتیّ به مصداقاً للأمر من الأوّل بشرط حصول القید فی ظرفه.     والحاصل : أنّ هذا التقیّد لیس أمراً حقیقیّاً تکوینیّاً؛ حتّی یقال بامتناع حصول التقیّد بدون حصول قیده، بل هو أمر اعتباریّ لا مانع من أخذه فی المأمور به؛ بحیث یکون التقیّد موجوداً بالفعل لحصول القید فی ظرفه.     وأمّا قضیّة السبق واللحوق أو التقدّم والتأخّر مفهوماً وواقعاً، فهذا فرار عن الإشکال، لا جواب عنه، مع عدم مساعدة الأدلّة علی شیء منه، وبعبارة اُخری: خروج عن المتنازع فیه.     ولابأس بالتعرّض لشرائط التکلیف؛ تتمیماً للفائدة.     دفع سیّدنا الاُستاذ المحقّق ـ مدّ ظلّه ـ الإشکال عن ذلک بما دفع صاحب الکفایة قدس سره ذلک به، فإنّ البعث والزجرمن الأفعال الاختیاریّة للمولی، والشیء بوجوده اللحاظی شرط لذلک ، لا الواقعی.     وفیه أوّلاً : ما أشکل هو ـ مدّ ظلّه ـ علی صاحب الکفایة : من أنّ الملحوظ: هل هو الشرط حال وجوده، فیلزم ترتّب الحکم علیه حال وجوده، أو أنّه هو الشرط حال عدمه، فهو من الإشارة إلی المعدوم، ولا یعقل؟     وثانیاً : أنّ محلّ الکلام فی شرائط التکلیف ولیس مقام الجعل منها، بل إنّه مقام المجعول وانطباق الجعل، وشرائط الجعل غیر شرائط المجعول. والکلام فی أنّه کیف یعقل وجود الحکم فیمرحلة الانطباق مع عدم وجوده وموضوعه بالفعل؟! وهل هذا إلاّ تخلّف الأثر عن المؤثّر؟!     والجواب عن الإشکال ما ذکرناه : من عدم إمکان المقایسة بین الاعتبار والتکوین، ولا مانع من أخذ شیء متأخّر موضوعاً للتکلیف، وعلیه عدّة من العلماء العظام والأساتذة الکرام.     نقل اُستاذنا المحقّق ـ مدّ ظلّه ـ کلام المحقّق النائینی رحمه الله، اُنظر فوائد الاُصول ـ تقریرات المحقّق النائینی ـ الکاظمی 1 : 275 ـ 276) علی ما قرّره المقرّر فی «تهذیب الاُصول».     وملخّصه : خروج المقدّمات العقلیّة والانتزاعیّات وشرائط الجعل وقیود المأمور به عن حریم النزاع، وکون النزاع فی شرائط الحکم ـ وضعاً وتکلیفاً ـ فی مرحلة الفعلیّة والمجعول (تهذیب الاُصول  ـ تقریرات الإمام الخمینی رحمه الله ـ السبحانی 1 : 169 ـ 170).     وأورد علیه بإیرادات کلّها مسلّم، عدا ما أفاد بقوله: «ورابعاً : فإنّ إخراج شرائط المأمور به ممّا لا وجه له؛ لأنّ الکلام لیس فی تقیید المرکّب بقید خارجیّ، بل فی صحّة المأمور به فعلاً؛ أعنی صوم المستحاضة إذا أتت بالأغسال المستقبلة» (تهذیب الاُصول ـ تقریرات الإمام الخمینی رحمه الله ـ السبحانی 1 : 170).     والإشکال المتوهّم فی هذا الباب جارٍ فی الأجزاء أیضاً؛ لو قیل بصحّة الجزء الأوّل کصحّة التکبیرة بالفعل مع کونها مشروطة بوقوع الأجزاء الاُخر، فلاینفع الفرار عن الإشکال بجعل شرائط المأمور به من قبیل الأجزاء حکماً.     أقول مستعیناً بالله : إنّ الصحّة لیست حکماً شرعیّاً؛ حتّی یقال: بأنّه کیف قیّدت بشرط متأخّر، بل إنّما هی منتزعة من انطباق المأمور به علی المأتیّ به، فإذا سُلّم إمکان تقیّد المأمور به بأمر متأخّر، وخروج هذا عن محلّ الکلام، فلا مجال للحکم بعدم الصحّة فعلاً لعدم حصول الشرط، فإنّ الانطباق قهریّ، فإنّه یدور مدار کیفیّة متعلّق الجعل والمأتیّ به، فلو فرض إمکان التقیید کذلک ـ والمفروض تحقّقه خارجاً کذلک ـ انتزعت الصحّة لامحالة. نعم، یبقی السؤال عن إمکان حصول التقیّد مع عدم حصول القید، وجوابه ما مرّ: من أنّ التقیّد الاعتباری أمره بید من بیده الاعتبار، وتحقّقه یدور مدار انطباق الاعتبار علیه.     وأمّا ما أفاده فی الواجبات المرکّبة وجریان الإشکال فیه، فغریب؛ لأنّه هل یتمکّن من إنکار مثل هذه الواجبات، أو یتمکّن من إنکار اتّصاف الأجزاء بالصحّة الفعلیّة، أو یتمکّن من إنکار اشتراط صحّة الأجزاء السابقة بالإتیان باللاحقة؟! کلّ ذلک لا سبیل إلیه، والإنصاف أنّ الواجبات المرکّبة أقوی مادّة نقضٍ للقائلین باستحالة الشرط المتأخّر بالنسبة إلی قیود المأمور به، بل مطلقاً، فإنّه لو أنکرنا إمکان الاعتبار کذلک فلابدّ من إنکار الواجبات المرکّبةأیضاً، فإنّه لاینبغی الإشکال فی اتّصاف الأجزاء اللاحقة بالصحّة الفعلیّة حال وجودها بشرط إتمام العمل، فإنّ إنکار الاتّصاف منافٍ للقول بتعلّق الأمر به، فإنّ الأجزاء بأسرها عین المرکّب، والقول بالاتّصاف بعد تمام العمل لایقلّ محذوراً عن محذور الشرط المتأخّر، فإنّه أیضاً من الإشارة إلی المعدوم؛ فلم یبقَ إلاّ ما ذکرنا، والوجه فی تصویر هذه الواجبات هو الوجه فی الشرط المتأخّر فی القیود المرکّبة، فلانعید.     وأمّا ما ذکره المرحوم النائینی فی وجه استحالة الشرط المتأخّر فی الأحکام: من لزوم تأخّر أجزاء العلّة الفعلیّة عن المعلول، ولزوم الخلف والمناقضة من وجود الحکم قبل وجود موضوعه (فوائد الاُصول ـ تقریرات المحقّق النائینی ـ الکاظمی 1 : 276 ـ 280)، فقد عرفت أنّه من الخلط بین التکوین والتشریع.     وممّن یؤیّدنا فی ما ذکرناه المحقّق الأصفهانی قدس سره فی حاشیته علی المکاسب؛ حیث قال: «إنّ الإجازة الخارجیّة لیست دخیلة فی الملکیة؛ لا بنحو الاقتضاء بمعنی السببیّة، ولا بنحو الشرطیّة التی هی إمّا مصحّحة للفاعلیة، أو متمّمة للقابلیة، وعلیه کما یمکن اعتبار الملکیّة للمعدوم مالکاً ومملوکاً، کذلک یمکن اعتباره للموصوف بوصف عنوانیّ فی اُفق وجوده؛ بأن تُعتبر الملکیّة فعلاً لمن یمضی العقد فیما بعد». (حاشیة المکاسب ، المحقّق الأصفهانی 1 : 145 / سطر 31) .     هذا محصّل کلامه رحمه الله فراجع لملاحظة تمامه.     نعم، تنظیره باعتبار الملکیّة للمعدوم مالکاً ومملوکاً لایصحّ فإنّه غیر معقول.     وما توهّم فیه ذلک، نظیر الوقف علی البطون، أو بیع الثمرة المتأخّرة، وغیر ذلک، فکلّها من اعتبار الملکیّة للعناوین مالکاً ومملوکاً، فلا تغفل.     والحمد لله ربّ العالمین. المقرّر دامت برکاته.