کلام المحقّق العراقی فی إمکان الشرط المتأخّر ومناقشته
ذهب المحقّق الآقا ضیاء الدین العراقی رحمه الله إلی الأوّل.
وحاصل کلامه : أنّ مایمتنع انفکاکه عن المعلول هو ما یترشّح منه ذات المعلول، فإنّ الانفکاک بینهما یستلزم جواز تأثیر المعدوم فی الموجود. وأمّا الشرط
کتابالبیع: تقریر لما افاده الامام الخمینی (س)صفحه 484
فالحقّ إمکان تقدّمه علی المشروط وتأخّره عنه، فإنّه لا شبهة فی أنّ المقتضی للمعلول حصّة خاصّة من طبیعیّ المقتضی لا نوعه، فالمؤثّر فی الإحراق الخارجی لیس مطلق النار، بل حصّة خاصّة من طبیعیّها، وهی النار التی تماسّ الجسم المستعدّ بالیبوسة لقبول الاحتراق، وحینئذٍ الخصوصیّة التی بها تخصّصت الحصّة المقتضیة للمعلول، لابدّ لها من محصّل، وما به التحصّل یسمّی شرطاً، وتلک الخصوصیّة هی النسبة القائمة بتلک الحصّة حاصلة من إضافة الحصّة إلی شیء ما، وهو الشرط، فالمؤثر فی المعلول هو نفس الحصّة الخاصّة، والشرط محصّل لخصوصیتها، وهو طرف الإضافة، وما یکون شأنه کذلک جاز أن یتقدّم علی ما یضاف إلیه أو یقترن به أو یتأخّر عنه.
هذا محصّل کلامه فارجع إلیه لملاحظة تمامه.
وفیه أوّلاً : المؤثّر فی المعلول لیس الحصّة الحاصلة بالإضافات والاعتبارات التخییلیّة، بل هو نحو وجود خاصّ متشخّص من ناحیة علله، فالنار بوجودها مقتضیة للإحراق؛ من غیر أن یکون الوقوع فیها والتماس معها وقابلیّة التأثّر بها محصّلات للحصّة المؤثّرة، وهو أوضح من أن یحتاج إلی البیان.
وثانیاً : الإضافة إلی المتقدّم أو المتأخّر ممّا لایعقل، فإنّه من الإضافة إلی المعدوم، ولا تعقل فعلیّة الإضافة مع انعدام طرفها، فإنّ المتضایفین متکافئان قوّة وفعلاً، وهذا أیضاً ظاهر، فالتخصّص المتحصّل من الإضافة المستحیلة مستحیل، ولذا ذکرنا: أنّ العلّیّة والمعلولیّة والتقدّم والتأخّرالزمانی وفی أجزاء الزمان ـ بالمعنی الإضافی المقولی ـ غیر ممکنة، فإنّ فی زمانِ المتقدّمِ المتأخّرُ معدوم وبالعکس.
کتابالبیع: تقریر لما افاده الامام الخمینی (س)صفحه 485
نعم، ذات العلّة لا بوصفها والمتقدّم لا بوصفه یوجد أوّلاً، ثمّ یوجد الثانی بعد انعدام الأوّل، وإلاّ فهذه الإضافات متکافئات لایتقدّم شیء منها علی المضاف الآخر حتّی فی الرتبة العقلیّة.
فإن قلت : إنّ إسراء المذکور إلی المقام خلط بین الحقائق والاعتباریات، والإضافة الاعتباریّة بین الموجود والمعدوم لا مانع منها.
قلت : نعم، قیاس الاعتبار بالتکوین أمر غیر صحیح، لکن للمقام خصوصیّة: وهی أنّ الإضافة ـ ولو الاعتباریّة منها ـ نحو إشارة، ولاتمکن الإشارة إلی المعدوم، فإنّ الإشارة إلی شیء نحو إثبات شیئیّة له، فإذا تحقّقت الإضافة بین الموجود والمعدوم ولو اعتباراً، یلزم إثبات الوجود للمعدوم فی حال عدمه، وهو محال.
وإن شئت قلت : لو صحّت هذه الإضافة فلابدّ من صدق قولنا: «المعدوم مضاف» و «ثبوت شیء لشیء فرع ثبوت المثبت له»، فلزم المحذور.
کتابالبیع: تقریر لما افاده الامام الخمینی (س)صفحه 486
وقد ظهر بذلک : أنّه لایمکن التخلّص عن الإشکال بما ذکره فی «الفصول» وعلیه المحقّق النائینی رحمه الله أیضاً: من أخذ العناوین الانتزاعیّة شرطاً کالتقدّم والتأخّر، فإنّ هذه العناوین من الإضافات، ولایمکن الإضافة إلی المعدوم، علی أنّ هذا التزام بالإشکال فی الشرط المتأخّر؛ والتخلّص منه بإرجاع ذلک إلی المقارن.
کتابالبیع: تقریر لما افاده الامام الخمینی (س)صفحه 487