عقــد البیع وشرائطه

مناقشة کلام المحقّق النائینی

مناقشة کلام المحقّق النائینی 

‏ ‏

‏وفیه ـ بعد البناء علی أنّ مراده من اسم المصدر، هو الأثر المترتّب علی العقد‏‎ ‎‏علی خلاف الاصطلاح، کما صرّح هو ‏‏قدس سره‏‏ بذلک فی بعض المباحث السابقة‏‎[1]‎‏، وهذا‏‎ ‎‏لا محالة یتخلّف عن المصدر فی الفضولی ـ : کیف یمکن دعوی أنّ المنشأ ـ اسم‏‎ ‎‏المصدر ـ بنظر المنشئ لایتخلّف عن إنشائه ، مع التفات المنشئ إلی أنّ العقد‏‎ ‎‏فضولیّ لایؤثر إلاّ بعد الإجازة.‏


کتابالبیع: تقریر لما افاده الامام الخمینی (س)صفحه 480
‏هذا مضافاً إلی أنّه لاربط لهذا الجواب بالإشکال العقلی بوجه، فإنّ الإشکال‏‎ ‎‏إنّما هو فی عدم إمکان تأثیر الإنشاء ـ وهو العقد ـ فی المنشأ، وهو اسم المصدر‏‎ ‎‏علی اصطلاحه ـ أی الملکیّة ـ فإنّ العقد معدوم حال الأثر، وعدم التخلّف فی نظر‏‎ ‎‏العاقد لایصحّح المطلب.‏

‏نعم، علی مسلکنا: من أنّ المصدر ـ وهو العقد ـ لم یتخلّف عن اسم المصدر،‏‎ ‎‏وهو الاعتبار الإنشائی، ولهذا المعنی الإنشائی نحو بقاء بالاعتبار حال الإجازة، لم‏‎ ‎‏ینفکّ الأثر عن العقد أیضاً، فیرتفع الإشکال، نظیر الفسخ‏‎[2]‎‏.‏

‎ ‎

کتابالبیع: تقریر لما افاده الامام الخمینی (س)صفحه 481

  • )) منیة الطالب 1 : 39 / سطر 4 .
  • )) أقول : الظاهر عدم الحاجة إلی الالتزام باعتبار بقاء المعنی الإنشائی لدفع الإشکال، بل الالتزام بذلک لایخلو عن شیء فی بعض الموارد، نظیر باب الوصیّة، فلو أوصی بإعطاء مال لزید، فالإنشاء وأثره الإنشائی موجود حال الإنشاء، وأثره الاعتباری العقلائی یوجد بعد موته وإن کان منفکّاً عن الإنشاء، فإنّ محذور الانفکاک إنّما یتمّ فی الخارجیّات لا الاعتباریّات، ولاتقاس هذه بتلک، کما مرّ غیر مرّة، والالتزام ببقاء المعنی الإنشائی اعتباراً حینئذٍ التزام بلا ملزم.     نعم، یمکن القول بلزوم هذا الاعتبار فی الفسخ، فإنّه من حینه، لا من حین العقد، فلابدّ من ثبوت العقد حال الفسخ حتّی ینحلّ حینئذٍ، إلاّ أن یقال: إنّ الفسخ یزیل الأثر، وهو خلاف التحقیق، فتأمّل، بخلاف العقد الفضولی علی القولین، فإنّ المفروض أنّ الإجازة فیها مثبتة للأثر لا مزیلة له، وفی الأوّل لا ملزم لاعتبار البقاء، بخلاف الثانی علی أحد الوجهین.     ولابأس بذکر ما فهمه بعض علماء العصر ـ مدّ ظلّه ـ من کلام المرحوم النائینی فیما تقدّم: وهو أنّ المصدر هو العقد، وهو استعمال اللفظ فی معناه بداعی إیجاد مضمونه، الذی نسمّیه بالإنشاء، واسم المصدر هو المعنی المنتزع من فعل المتعاقدین، وهی المبادلة القائمة بالمالین فی عقد البیع، لا الحقیقی منها، بل المنتزع من إنشائها.     وبالجملة : إنّ هنا اُموراً ثلاثة: إیجاد المعنی باللفظ المسمّی بالإنشاء، والمصدر، والمنتزع منه، وهو المنشأ، واسم المصدر والأثر الواقعی وماهو قابل للإجازة هو المنشأ، واسم المصدر کما أنّه هو القابل للاستناد إلی المالک، فإنّ الأوّل ـ وهو فعل الفاعل ـ غیر قابل للاستناد إلی غیره، ولا یتطرّق فیه التزلزل.     وبذلک ترتفع جملة من الإشکالات التی أورد اُستاذنا المحقّق ـ مدّ ظلّه ـ علیه کما لایخفی. نعم، یبقی فیه عدم الدلیل علی لزوم الاستناد، غیر ما مرّ من لزوم نحو ربط للعقد بالمالک إمّا بإذنه أو رضاه، ولعلّه أیضاً لایرید أزید من ذلک، فیرجع النزاع لفظیّاً.     نعم، یرد علیه إشکال: وهو أنّ الإجازة راجعة إلی فعل العاقد، لا المنتزع منه، فقوله: «بارک الله فی صفقة یمینک» تبریک وإمضاء لعقده، لا أنّه تصحیح للمعنی المنتزع من ذلک، اللهم إلاّ أن یقال: إنّ إمضاء العقد ینفذ العقد من جهة تصحیحه المبادلة الحاصلة، فکأنّه قال: «قبلت المبادلة الحاصلة والتزمت بها»، وهذا معنی الاستناد إلی المالک.     فعلی هذا لو کان تقریب کلام الفخر رحمه الله : أنّ العقد والمنتزع منه غیر قابل للانفکاک، والالتزام بالنقل التزام بالانفکاک، لارتبط جواب المحقّق النائینی رحمه الله به، فإنّ المنتزع حاصل بالعقد، والانفکاک واقع بین العقد والأثر، ولا ضیر فیه کما قال: «وعلی هذا التقریب لایرد علیه النقض بالاُمور المتصرّمة والأجزاء المتدرّجة فی الوجود، فإنّه لاینکر إمکان ترتّب المعلول علی علّة ذات أجزاء متصرّمة، والمترتّبِ علی الاُمور التدریجیّة، بل ینکر تخلّف اسم المصدر عن المصدر» منیة الطالب 1 : 236 / سطر 2.     وکلامه هذا ینادی بأعلی صوته: بأنّ اسم المصدر مغایر للأثر، فکیف یمکن أن یسند خلافه إلیه؟! ومن غریب الأمر أنّ کلامه هنا صریح فی ذلک، وفی المسألة السابقة صرّح: بأنّ الإنشاء القولی یمکن انفکاکه عن اسم المصدر، فراجع.     وقد علم من ذلک أمر آخر یوافق ما ذکرنا: وهو عدم وجود ملزم لاعتبار البقاء، فإنّ المعلول المترتّب علی الأمر التدریجی موجود فی التکوین ـ فلیتدبّر ـ فضلاً عن التشریع. المقرّر دامت برکاته.