عقــد البیع وشرائطه

الکلام فی مسألة «اعتق عبدک عنّی»

الکلام فی مسألة «اعتق عبدک عنّی» 

‏ ‏

‏أمّا مسألة «اعتق عبدک عنّی» فلو قال أحد لمالک العبد : «اعتق عبدک عنّی»‏

کتابالبیع: تقریر لما افاده الامام الخمینی (س)صفحه 460
‏فاعتقه عنه، فیحتمل أن یکون قوله ذلک استیهاباً من المالک أوّلاً والأمر بالعتق بعده،‏‎ ‎‏وأن یکون إنشاءُ المالک إنشاءً للهبة والعتق معاً علی حسب الأمر الأوّل.‏

‏ففی هذا الفرض لایعقل إنشاء المالک للأمرین معاً، فإنّ الملکیّة والعتق‏‎ ‎‏مترتّبان؛ أحدهما موضوع للآخر، فلابدّ من تحقّق الملکیّة أوّلاً ثم العتق بعده، فلو‏‎ ‎‏أنشأ الملکیة والعتق معاً فلابدّ من تحقّق الملکیّة أوّلاً، وبعده یحتاج العتق إلی‏‎ ‎‏إنشاء جدید.‏

والحاصل :‏ أنّ الأمرین المترتّبین ـ أحدهما فی طول الآخر ـ لایعقل‏‎ ‎‏إنشاؤهما بإنشاء واحد‏‎[1]‎‏، فإنّه بعد تحقّق الموضوع بهذا الإنشاء یحتاج تحقّق‏‎ ‎‏الحکم إلی إنشاء مفقود.‏

‏ویحتمل أن یکون قوله ذلک إنشاء للتملّک فضولاً، والمالک بإنشائه یجیز ذلک‏‎ ‎‏أوّلاً ویعتق بعده.‏

‏ففی هذا الفرض یحتمل فی المنشئ الأوّل إنشاؤه التملّک فقط، ویحتمل‏‎ ‎‏إنشاء ذلک والأمر بالعتق معاً، وأیضاً یحتمل فی المنشئ الثانی إجازة التملّک أوّلاً‏‎ ‎‏ثمِ العتق، ویحتمل إنشاؤهما معاً کما هو الفرض، فرض تعدّد الإنشاء خارج عن‏‎ ‎‏محلّ البحث.‏

‏وعلیه وإن أمکن القول بأنّ إنشاء المجیز قابل للأمرین معاً، فإنّ إنشاءه‏‎ ‎‏بمجرّد النطق بأوّل جزئه، یکشف عن رضاه بإنشاء الآمر التملّک، وبتمام إنشائه‏‎ ‎‏یتحقّق العتق، ولابأس بذلک، فإنّ الإجازة لاتحتاج إلی الإنشاء، بل مجرّد إظهار‏

کتابالبیع: تقریر لما افاده الامام الخمینی (س)صفحه 461
‏الرضا من المجیز کافٍ فیها.‏

‏فلایرد الإشکال العقلی المتقدّم فی ذلک، إلاّ أنّ الآمر بالعتق لوکان نظره إلی‏‎ ‎‏إنشاء التملّک فقط، وقلنا بجواز هذا الإنشاء بالکنایة، فإنشاء المجیز العتق فضولیّ،‏‎ ‎‏فإنّه بإجازته یملک الآمر، فالعتق یحصل من ملکه بلا أمر منه جدّاً، وهذا خارج عن‏‎ ‎‏مفروض کلامنا.‏

‏ولو کان نظره إلی إنشاء التملّک والأمر بالعتق معاً، فالإشکال وإن کان مندفعاً‏‎ ‎‏عن إنشاء المجیز، إلاّ أنّ جمع الآمر بین الأمرین مشکل؛ لعدم إمکان الجمع بالدلالة‏‎ ‎‏المطابقیة، وأمّا الجمع بینهما بالدلالة الالتزامیّة والمطابقیّة؛ بحیث یرید جدّاً إنشاء‏‎ ‎‏الملکیّة والأمر بالعتق معاً، فهذا لایمکن، فإنّهما مترتّبان کما ذکرنا‏‎[2]‎‏. مع أنّ إنشاء‏‎ ‎‏الملکیّة غیر ممکن بالدلالة الالتزامیّة، فإنّ الدلالة الالتزامیّة دلالة المعنی علی‏‎ ‎‏لازمه، لا دلالة اللّفظ علی لازم معناه، کما مرّ بیانه‏‎[3]‎‏، فلایمکن تصحیح العتق علی‏‎ ‎‏النحو المذکور بوجه.‏

‏وأمّا سائر الأمثلة فتغایر المثال السابق، فلو قال: «اعتق عبدی عنک» فهو فی‏‎ ‎‏معنی تملیکه العبد للعتق، والمعتق بمجرّد نطقه بالإنشاء یقبل ذلک، وبتمامه ینشئ‏‎ ‎‏العتق، ولا یلزم أزید من إظهار الرضا فی القبول، کما ذکرنا سابقاً. وهکذا فی‏‎ ‎‏المثالین الآخرین.‏

‏هذا تمام الکلام فی الأمثلة .‏

‎ ‎

کتابالبیع: تقریر لما افاده الامام الخمینی (س)صفحه 462

  • )) أقول : لو سُلّم إمکان إنشاء الأمرین العرضیّین بإنشاء واحد، فلا مانع من إنشاء المترتّبین بذلک، فإنّ ترتّب أحد المنشأین علی الآخر لایقتضی ترتّب إنشائهما، بل المنشئ ینشئهما معاً، غایة الأمر لایتحقّق الحکم المنشأ إلاّ بعد تحقّق الموضوع المنشأ.     وبالجملة : الترتّب بین المنشأین، لا الإنشاءین حتّی یقال: لایمکن وجودهما بإنشاء واحد. المقرّر دامت برکاته.
  • )) علی ما مرّ: من عدم لزوم الترتیب فی الإنشاء، لایمکن المساعدة علی ما أفاده، بل هنا أظهر من السابق، فإنّ الترتیب إنّما هو بین واقع الملکیّة والعتق، لا الإنشائی منهما. نعم، یرد علی ذلک ما أفاده أخیراً علی مسلک الحقّ، وأمّا علی مسلک المشهور فیرد علیه: عدم إمکان الجمع بین اللحاظین ـ الآلی والاستقلالی ـ فی لحاظ واحد، واستعمال اللفظ فی معناه الحقیقی وإرادة ذلک والکنائی معاً، مستلزم لذلک. المقرّر دامت برکاته.
  • )) تقدّم فی الصفحة 94 و 450 .