فی التمکّن من المِثْل بعد تعذّره ودفع القیمة
قوله قدس سره : «فرع : لو دفع القیمة فی المِثْل المتعذّر مثله، ثمّ تمکّن من المثل، فالظاهر عدم عود المِثل فی ذمّته».
وتقریب المبنی فی هذه المسألة یمکن بوجهین تختلف نتیجتهما :
أحدهما : أن یقال: إنّ دفع القیمة فی المثل المتعذّر موجب لسقوط ما فی الذمّة قهراً، فإنّه مرتبة من مراتب أدائه؛ بمعنی أ نّه فی حال تعذّر المِثل أداء القیمة جبران لتمام الدرک بنظر العقلاء، ولا معنی لبقاء العهدة بعد أداء ما فیها، وعود الساقط بعد رفع التعذّر یحتاج إلی دلیل ، ولیس عندنا دلیل.
ثانیهما : أن یقال: إنّ دفع القیمة فی المثل المتعذّر، إنّما هو من جهة تعذّر المِثْل وعدم إمکان أدائه، وأداء القیمة لیس أداءه بجمیع مراتبه، بل أداؤه ناقصاً. نعم، لیس للمالک المطالبة بجمیع مراتب الأداء فعلاً؛ لعدم التمکّن منه، بل قلنا بعدم تحقّق الجدّ بالمطالبة فی مورد تعذّر الأداء. وأمّا سقوط ذمّة الضامن بأداء بعض المراتب عن سائرها فیحتاج إلی دلیل، فمع التمکّن منها یستحقّ المالک مطالبتها بردّ القیمة وأخذ المثل المتمکّن منه. ولافرق فی ذلک بین القول بثبوت العین فی العهدة إلی زمان الأداء فی الضمانات، وبین القول المشهور، وهو ثبوت المِثْل فی العهدة فی المثلیّات، فإنّ التقریبین جاریان فیهما.
ولکنّ الإنصاف مساعدة العقلاء علی الوجه الأوّل واعتبارهم سقوط ما فی الذمّة بأداء القیمة؛ أتری أنّ العقلاء مع أداء قیمة المِثْل فی موارد التعذّر، والتمکّن منه بعد ذلک بأمد بعید کخمسین سنة مثلاً أو أزید، «کما هو موضوع المسألة ؛ فإنّا
کتابالبیع: تقریر لما افاده الامام الخمینی (س)صفحه 304
قد ذکرنا عدم جواز المطالبة بالقیمة فی مورد التعذّر إلی أمد قصیر» أنّ العقلاء یرون استحقاق مطالبة المالک بالمِثْل وردّه القیمة؟! نعم، لو فرضنا حدوث العین علی نحو خرق العادة، فالعقلاء حاکمون بلزوم ردّ العین من جهة ردّ المال المحترم إلی صاحبه، بخلاف صورة حدوث المثل بعد تعذّره، والوجه ما تقدّم من : تحقّق جبران الخسارة بتمامها بنظر العقلاء فی مورد تعذّر المِثْل بأداء القیمة، فسقطت الذمّة، والساقط لایعود إلاّ بدلیل مفقود.
وقد ذکر الشیخ رحمه الله فی المقام : أ نّه بناء علی المختار ـ من عدم سقوط المِثْل عن الذمّة بالإعواز ـ یسقط بأداء عوضه ، وهو القیمة بالتراضی، فلایعود کما لو تراضیا بعوضه.
وأمّا علی القول بسقوطه وانقلابه قیمیّاً، فإن قلنا: بأنّ المغصوب انقلب قیمیّاً عند تعذّر مثله فأولی بالسقوط؛ لأنّ المدفوع نفس ما فی الذمّة، وإن قلنا: إنّ المثل بتعذّره النازل منزلة التلف صار قیمیّاً، احتمل وجوب المثل عند وجوده؛ لأنّ القیمة حینئذٍ بدل الحیلولة عن المثل.
أقول : تقریب بدل الحیلولة علی المختار ـ من عدم سقوط المثل ـ أسهل منه علی القولین الأخیرین، فإنّ المفروض فیه عدم سقوط المثل، وأداء القیمة من جهة عدم التمکّن من المثل الثابت فی الذمّة، فمع التمکّن منها لابدّ من أدائها، والقیمة بدل الحیلولة.
وأمّا علی القول بکون ما فی الذمّة قیمیّاً، أو صیرورة المثل قیمیّاً، فلا معنی لکون القیمة بدل الحیلولة، فإنّ أداءها أداء نفس ما فی الذمّة، هذا، مع أنّ فرض سقوط المثل بأداء القیمة بالتراضی خروج عن محلّ البحث، کما لایخفیٰ.
کتابالبیع: تقریر لما افاده الامام الخمینی (س)صفحه 305
کتابالبیع: تقریر لما افاده الامام الخمینی (س)صفحه 306