عقــد البیع وشرائطه

الوجه فی اعتبار الماضویّة ومناقشته

الوجه فی اعتبار الماضویّة ومناقشته 

‏ ‏

وقد ذکر فی اعتبار الماضویّة :‏ أنّ وجه اعتبارها صراحة الفعل الماضی فی‏‎ ‎‏إنشاء العناوین به، بخلاف المضارع والأمر واسم الفاعل وغیره.‏

والفرق :‏ أنّ الماضی وضع للتحقّق والثبوت، ولذا یستلزم المضیّ، بخلاف‏‎ ‎‏اسم الفاعل، فإنّه وضع لتلبّس الفاعل بالمبدأ، وهذا ملازم للتحقّق، فاستعماله وقصد‏‎ ‎‏الإنشاء به دائر مدار القول بصحّة الإنشاء بالکنایات.‏

وبالجملة :‏ الفعل المضارع مع اسم الفاعل متّحدان فی المعنی وإن کان بینهما‏‎ ‎‏ترتّب فی النسبة، فإنّ المضارع وضع لنسبة الفعل إلی الفاعل، وبعد تحقّق هذه‏‎ ‎‏النسبة یتّصف الفاعل بأنّه ممّن صدر عنه الفعل، ولذا یقال: «ضرب یضرب فهو‏‎ ‎‏ضارب»، وکما لایصحّ إنشاء العناوین باسم الفاعل، فکذا لایصحّ بالفعل المضارع،‏‎ ‎‏نعم فی خصوص لفظ «طالق» دلّ الدلیل علی وقوع الإیقاع به‏‎[1]‎‏.‏

وممّا ذکرنا :‏ ظهر حال الأمر أیضاً، فإنّه وضع لإلقاء نسبة المادّة إلی الفاعل،‏‎ ‎‏فقوله: «زوّجنی نفسک» لایفید إلاّ طلب الإنشاء، فحکمه حکم المضارع، فکما أنّه‏‎ ‎‏أشبه بالوعد کذلک هو أشبه بالمقاولة.‏

‏وأمّا الروایات المتوهّمة دلالتها علی کفایة الفعل المضارع أو الأمر ـ فی‏‎ ‎‏أبواب شراء العبد الآبق‏‎[2]‎‏ وبیع المصحف‏‎[3]‎‏ والتزویج‏‎[4]‎‏ ـ فتوجب القطع بأنّ الفعل‏‎ ‎

کتابالبیع: تقریر لما افاده الامام الخمینی (س)صفحه 204
‏المضارع والأمر فی هذه الأبواب وقعا مقاولة ووعداً واستدعاء فاعتبار الماضویّة‏‎ ‎‏لا إشکال فیه‏‎[5]‎‏، انتهی ملخّصاً.‏

وفیه :‏ أنّ الماضی ـ حسب اعترافه ‏‏رحمه الله‏‏ ـ وضع لما یستلزم المضیّ، لا مطلق‏‎ ‎‏التحقّق، فإذا کان الأمر کذلک، فکیف یکون صریحاً فی إنشاء التحقّق الغیر المستلزم‏‎ ‎‏لذلک، وأیّ فرق بین الماضی والمضارع من هذه الجهة؟!‏

‏وأمّا ما ذکره من الفرق بینهما فلیس بصحیح؛ لأنّ الارتکاز المحاوریّ‏‎ ‎‏العرفیّ، شاهد علی أنّ الفرق بین الإخبار بالماضی والمضارع، لیس إلاّ الحکایة عن‏‎ ‎‏التحقّق فی المضیّ فی الأوّل، وفی الحال أو الاستقبال فی الثانی، وأمّا أنّ الأوّل‏‎ ‎‏صریح فی التحقّق والثانی کنایة عنه، فلیس إلاّ دعوی بلا بیّنة ولا برهان، ولاسیّما‏‎ ‎‏ما ذکره: من أنّ الفعل المضارع واسم الفاعل متّحدان بحسب المعنی مترتّبان فی‏‎ ‎‏النسبة، ولیت شعری إذا کانا متّحدی المعنی فکیف یحصل الترتّب فی النسبة ؟!‏‎ ‎‏أفیکون الشیء مترتّباً فی النسبة علی نفسه، ثمّ إنّه ما الدلیل علی عدم إمکان‏‎ ‎‏الإنشاء باسم الفاعل؛ حتّی یجعل ذلک أصلاً لعدم إمکانه بالفعل المضارع؟‏

‏وأعجب من جمیع ذلک التزامه بوقوع الطلاق بما لیس بصریح فیه، وهو لفظ‏‎ ‎‏«طالق» تعبّداً، فهل یرتضی أحد بأنّ الشارع تعبّدنا بوقوع الطلاق بما لا دلالة له‏‎ ‎‏علیه، وعدم وقوعه بما هو دالّ علیه. والأعجب من ذلک دعواه القطع بأنّ الروایات‏‎ ‎‏واردة مورد المقاولة وغیرها، مع أنّه لو لم یقطع بأنّها واردة مورد الإنشاء بذلک لم‏‎ ‎‏یقطع بما ذکره، فلاحظ الروایات.‏

‏وکیف کان، الصحیح ما مرّ: من إمکان الإنشاء بکلّ مایعتبر العقلاء تحقّق‏‎ ‎‏المعاملة به ماضیاً کان أو مضارعاً أو غیر ذلک.‏

‏ ‏

‎ ‎

کتابالبیع: تقریر لما افاده الامام الخمینی (س)صفحه 205

  • )) اُنظر وسائل الشیعة 15 : 295، کتاب الطلاق، أبواب مقدّماته وشرائطه، الباب 16.
  • )) وسائل الشیعة 12 : 262، کتاب التجارة، أبواب عقد البیع وشروطه، الباب 11.
  • )) وسائل الشیعة 12 : 114 ـ 115، کتاب التجارة، أبواب ما یکتسب به، الباب 31، الحدیث 1 و2 و3 و6 .
  • )) اُنظر وسائل الشیعة 14 : 194، کتاب النکاح، أبواب عقد النکاح ، الباب 1.
  • )) منیة الطالب 1 : 108 / سطر 17 .