کلام المحقّق النائینی فی المقام ومناقشته
وقد ذکر المرحوم النائینی رحمه الله فی ألفاظ الکنایات : أنّه لو قیل: إنّها قسم من المجاز، کما عرّفها بعضهم: من أنّها ذکر اللازم وإرادة الملزوم، فحکمها حکمه، ولو قیل: إنّها قسیم المجاز ـ کما هو الحقّ ـ وإنّ الاستعمال فیها فی نفس معناه الحقیقیّ،
کتابالبیع: تقریر لما افاده الامام الخمینی (س)صفحه 200
والانتقال إلی الملزوم من دواعی استعمال هذه الألفاظ فی معانیها الموضوعة لها، لا إنّها استعملت فی الملزوم، فالأقوی عدم صحّة إنشاء العنوان بها، فإنّ إنشاء اللازم وإیجاده فی الإنشاء القولیّ لیس إیجاداً للملزوم عرفاً، وکون الملزوم داعیاً ومقصوداً من إیجاد اللازم لا أثر له، فإنّ الأغراض والدواعی لا أثر لها فی باب العقود.
ثمّ لو قیل : بأنّ الملزوم وإن لم یُنشَأ أصالةً إلاّ أنّه مُنشَأ تبعاً؛ وفی المرتبة الثانیة من الإیجاد، ولا وجه للاقتصار علی المنشَأ الأوّل بعد إطلاق أدلّة العناوین، فیقال: الإیجاد بهذا النحو فی کمال الضعف من الوجود، فینصرف الإطلاق عنه. انتهی ملخّص کلامه رحمه الله.
وفیه ـ بعد الإغماض عن تناقض صدر الکلام وذیله، فإنّ فی الصدر فرض عدم تعلّق الإیجاد بالملزوم أبداً، وفرض تعلّقه به فی المرتبة الثانیة، وبعد الإغماض عن أنّه لا محصّل لضعف الوجود فی أمثال المقام، وأنّ ضعف الوجود لایکون منشأ لانصراف الأدلّة ـ أنّه لو أراد من أنّه فی الکنایة قد استعمل اللّفظ فی معناه الحقیقیّ، والانتقال إلی الملزوم من دواعی الاستعمال، أنّه قد تعلّقت الإرادة الجدّیّة بنفس ذلک المعنی الحقیقیّ کالإرادة الاستعمالیّة، والانتقال إلی الملزوم بدلالة اُخری نظیر الدلالة الالتزامیّة؛ من أنّ الإرادة الجدّیّة والاستعمالیّة قد تعلّقتا بالمعنی المطابقیّ، ودلّ اللفظ علی لازم ذلک أیضاً علی مسلک القوم، أو أنّ اللفظ لم یدلّ إلاّ علی معناه؛ لاستحالة دلالته علی خلافه؛ والدلالة الالتزامیّة دلالة المعنی علی اللازم، لا دلالة اللفظ علیه علی مسلکنا. فهذا ظاهر البطلان، فإنّ فی الکنایة قد تعلّقت الإرادة الجدّیّة بنفس الملزوم، واُخذ اللازم طریقاً له، ولذا یدور الصدق والکذب فیها مدار وجود الملزوم وعدمه؛ بلا اعتبار لوجود اللازم وعدمه، بخلاف باب المطابقة والالتزام، فإنّ الصدق والکذب یدوران مدار وجود المعنی المطابقیّ
کتابالبیع: تقریر لما افاده الامام الخمینی (س)صفحه 201
وعدمه، وهذا واضح.
ولو أراد منه أنّه فی الکنایات استعمل اللفظ فی اللازم، وتعلّقت الإرادة الجدّیّة بالملزوم ـ کما هو الحقّ ـ ففی مورد الإنشاء بالکنایة لم یوجد إلاّ الملزوم، فما معنی أنّ الإیجاد تعلّق باللازم، وإیجاده لیس إیجاداً للملزوم عرفاً، أو أنّه یوجد بوجود ضعیف، فلم یبقَ إلاّ أن یقال: إنّ اللفظ صریح فی إیجاد اللازم، فلایصلح لإیجاد غیره، وهو الملزوم، وهذا مصادرة ظاهرة، فإنّ الکلام فی إمکان ذلک، وأنّه هل تعتبر الصراحة، أو یکفی الإنشاء بالکنایة.
کتابالبیع: تقریر لما افاده الامام الخمینی (س)صفحه 202