المعاطاة

کلام للشیخ فی المقام ومناقشته

کلام للشیخ فی المقام ومناقشته 

‏ ‏

‏ثمّ إنّه ذکر الشیخ ‏‏رحمه الله‏‏ بعدما ذکر فی وجه جواز رجوع المالک ولو بعد التلف :‏‎ ‎‏بأنّ الأصل عدم اللزوم لأصالة بقاء سلطنة مالک العین الموجودة وملکه لها‏‎[1]‎‏.‏

وفیه :‏ أنّها معارضة بأصالة براءة ذمّته عن مثل التالف عنده أو قیمته،‏‎ ‎‏والتمسّک بعموم «‏علی الید‏» هنا فی غیر محلّه، بعد القطع بأنّ هذه الید ـ قبل تلف‏‎ ‎‏العین ـ لم تکن ید ضمان، بل ولا بعده إذا بنیٰ مالک العین الموجودة علیٰ إمضاء‏‎ ‎‏المعاطاة ولم یُرِد الرجوع، إنّما الکلام فی الضمان إذا أراد الرجوع، ولیس هذا من‏‎ ‎‏مقتضیٰ الید قطعاً.‏

‏ولنا أن نسأل عن وجه ما ادّعیٰ ‏‏رحمه الله‏‏ من القطع بعدم الضمان ، فإنّ إطلاق‏‎ ‎‏«‏علی الید‏» یقتضی الضمان مطلقاً، ومعنی الضمان هو اللزوم علی العهدة، ووجوب‏‎ ‎‏الأداء متفرّع علیه تفرّع الحکم علیٰ موضوعه، ولا یعقل إثبات الضمان ووجوب‏

کتابالبیع: تقریر لما افاده الامام الخمینی (س)صفحه 176
‏الأداء بنفس هذا الدلیل، بل الدلیل علیٰ وجوب الأداء أمر آخر دالّ علی وجوب ردّ‏‎ ‎‏مال الغیر إلیه.‏

والحاصل :‏ أنّ إطلاق الدلیل یقتضی إطلاق الضمان، خرجنا عن هذا الإطلاق‏‎ ‎‏فی الأمانات المالکیّة صرفاً أو انصرافاً ، وفی الأمانات الشرعیّة بالدلیل، فیبقیٰ غیر‏‎ ‎‏ذلک تحته. ولا ینافی ذلک عدم وجوب الأداء، فإنّ کلاًّ منهما أمر مغایر للآخر؛ ألا‏‎ ‎‏تریٰ أنّ أکل مال الغیر جائز حال الاضطرار ولو اشتغلت ذمّة الآکل به؟!‏

والحاصل :‏ أنّ إمکان التفکیک بین الضمان ووجوب الأداء فی غایة الظهور،‏‎ ‎‏وحینئذٍ نقول : إنّ دعواه ‏‏رحمه الله‏‏ القطع بعدم الضمان، إنّما تتمّ لو تمّت إحدیٰ الأمانتین:‏‎ ‎‏إمّا المالکیّة ، أو الشرعیّة.‏

‏أمّا المالکیّة فالمفروض عدمها؛ لأنّ الصادر من المالک لیس إلاّ المعاملة،‏‎ ‎‏ولیس له إلاّ الرضا بها، وأمّا کون المال أمانة عند صاحبه ولو مع عدم تحقّق‏‎ ‎‏مضمون المعاملة، فغیر صادر منه جزماً. أمّا إذا لم یلتفت إلی الحکم، أو کان ملتفتاً‏‎ ‎‏ولکن لم یکن مبالیاً بالشرع، فظاهر، وأمّا مع الالتفات والمبالاة، فلأنّ المفروض‏‎ ‎‏ثبوت الحکم بالإباحة بالمعاطاة، لا بأمر آخر.‏

‏وبعبارة اُخریٰ : إنّ مقتضیٰ القواعد کون المعاطاة کالبیع بالصیغة؛ فی حصول‏‎ ‎‏الملک واللزوم وسائر الآثار، لکن قد فرض الإجماع علیٰ عدم حصول الملک‏‎ ‎‏بالمعاطاة، بل تحصل بها الإباحة، لکن هذا ـ أی حصول الإباحة ـ موقوف علی‏‎ ‎‏فرض تحقّق المعاطاة، والملتفت المبالی ـ مع إنشائه المعاطاة ـ لایرید الإباحة، إلاّ‏‎ ‎‏الإباحة المترتّبة علی المعاطاة، لا الإباحة مطلقاً، فرضاه أیضاً معاملیّ، فلیس فی‏‎ ‎‏البین من الإباحة المالکیّة عین ولا أثر، ولذا ذکر هو ‏‏قدس سره‏‏ فی المقبوض بالعقد الفاسد:‏‎ ‎‏أنّ کلاًّ من المتعاملین ضامن لمال الآخر‏‎[2]‎‏.‏


کتابالبیع: تقریر لما افاده الامام الخمینی (س)صفحه 177
‏وأمّا الإباحة الشرعیّة فأیضاً غیر متحقّقة فی المقام؛ لأنّ غایة ما دلّ علیه‏‎ ‎‏الإجماع هو حصول الإباحة؛ أی جواز التصرّف ، وأمّا عدم اشتغال الذمّة وکونها‏‎ ‎‏فارغة، فلم یدلّ علیه الإجماع، فإطلاق دلیل الید یقتضی الضمان؛ لعدم وجود‏‎ ‎‏الأمانة المالکیّة ولا الشرعیّة.‏

فالنتیجة :‏ أنّه مع قطع النظر عن التقریبات السابقة، یمکن تقریب الجواز‏‎ ‎‏بدلیل الضمان؛ بأن یقال : إنّ إطلاقه یقتضی الضمان مطلقاً، وهو موضوع لوجوب‏‎ ‎‏الأداء، لکن فرض الإجماع علیٰ عدم الوجوب قبل التلف وبعده قبل الرجوع، وأمّا‏‎ ‎‏بعد الرجوع فلا إجماع علیه، والإطلاق یقتضی الضمان وکون الذمّة مشتغلة بمال‏‎ ‎‏الغیر، فلابدّ من ردّه إلی صاحبه؛ لقیام الدلیل علیه وعدم ما یوجب تقییده، وهذا‏‎ ‎‏ملازم للجواز وتأثیر الرجوع.‏

وقد ظهر بما ذکرنا :‏ أنّه لا تصل النوبة إلی أصالة عدم الضمان، فضلاً عن‏‎ ‎‏معارضة أصالة بقاء السلطنة بها.‏

‏ ‏

‎ ‎

کتابالبیع: تقریر لما افاده الامام الخمینی (س)صفحه 178

  • )) المکاسب : 91 / سطر 9 .
  • )) المکاسب : 101 / سطر 22 .