فی توقّف المعاطاة علی الإعطاء والأخذ وجوابه
قد یتخیّل : أنّ المعاطاة لا تتحقّق بالإعطاء من الطرفین؛ بحیث یکون أحدهما بمنزلة القبول للآخر، فإنّ القبول من قبیل المطاوعة للإیجاب، وکلّ من الإعطاءین إیجاب مستقلّ لا ربط له بالآخر، فهذه المعاطاة مجرّدة عن القبول، بل تتحقّق المعاطاة بالإعطاء والأخذ، فإنّ الأخذ مطاوعة للإعطاء، فتتمّ الأرکان. فعلیٰ ذلک لو لم یقصد بالأخذ القبول، وقصد القبول بالإعطاء الثانی، تبطل المعاملة، فإنّ ما یصلح للقبول لم یقصد به ذلک، وما قصد به ذلک غیر صالح له.
والجواب عن ذلک :
کتابالبیع: تقریر لما افاده الامام الخمینی (س)صفحه 131
أوّلاً : أنّ ماهیّة البیع إمّا مبادلة مال بمال، أو تملیک عین بعوض، ولیس فیها من القبول عین ولا أثر. نعم، یشترط فی تأثیرها القبول؛ لکشفه عن رضا المشتری، کإجازة المالک فی البیع الفضولیّ، وأمّا أنّه داخل فی ماهیّة البیع فلا. ولذا ذکرنا: أنّه لایشترط توالی الإیجاب والقبول فی صحّة العقد حسب القاعدة إلاّ أن یکون التسالم علیٰ خلافه. فعلیٰ ذلک إیجاب البیع بالإعطاء الأوّل قد تحقّق، والکاشف عن رضا المشتری متحقّق بالإعطاء الثانی، فتتمّ الأرکان.
فما ذکره ممنوع من وجهین :
أحدهما : عدم اشتراط ماهیّة البیع بالقبول وعدم اشتراط تأثیره بأزید من إبراز المشتری رضاه بأیّ وجه کان.
ثانیهما : أنّ ما ذکره ـ من عدم الربط بین الإعطاءین لو أراد به عدم الربط بینهما؛ بمعنیٰ أنّ أحدهما لیس مطاوِعاً للآخر ـ مسلّم، لکنّ الکبریٰ ممنوعة، ولو أراد به أنّه لیس مبرزاً لرضا المشتری فالصغریٰ ممنوعة، بل الإعطاء الثانی مترتّباً علیٰ الإعطاء الأوّل مبرز لذلک، وهذا واضح.
وثانیاً : أنّ العقلاء فی غالب معاملاتهم المعاطاتیّة، لا یرون تمامیّة المعاملة بعد إعطاء أحدهما وأخذ الآخر، بحیث لو أراد الآخر قبل إعطائه البدل ردّ المعاملة، لایقال له: إنّه لم یعمل بالمعاملة، ولم یفِ بعقده.
أتریٰ أنّه لو قال صاحب المتاع للمشتری: أعطِ فلوسک حتّیٰ اُعطیک المتاع، فأعطاه ذلک، ثمّ رجع المالک عن بنائه وردّ الفلوس، أنّه لم یفِ بالعقد، أو أنّه ردّ المعاملة قبل تمامها؟ وهذا أقوی شاهد علیٰ إمکان تحقّق المعاطاة بالإعطاء من الطرفین، بل الغالب فی المعاملات العرفیّة کذلک؛ أی المحقّق للقبول هو الإعطاء
کتابالبیع: تقریر لما افاده الامام الخمینی (س)صفحه 132
الثانی، لا أخذ الإعطاء الأوّل فقط.
کتابالبیع: تقریر لما افاده الامام الخمینی (س)صفحه 133