المعاطاة

کلام بعض الأعاظم فی المقام

کلام بعض الأعاظم فی المقام

‏ثمّ إنّه ذکر بعض أعاظم المحقّقین ‏‏قدس سره‏‏ ـ توضیحاً لما ذکره الأکثر فی دفع‏‎ ‎‏الشبهة ـ ما حاصله: أنّ موضوع الحکم لیس هو اللفظ أو الإنشاء أو الالتزام القلبیّ،‏‎ ‎‏فإنّ کلّ ذلک وجد وانعدم، ولا معنیٰ لوجوب الوفاء به، ولیس هو أمراً واقعیّاً؛ بحیث‏‎ ‎‏یکون العرف والشرع معرّفاً له؛ حتّیٰ یلزم من الاستثناء تخطئة العرف، بل هو أمر‏‎ ‎‏اعتباریّ ـ عرفیّ أو شرعیّ ـ تشخّصه بنفس الاعتبار، ووعاء وجوده ظرف‏‎ ‎


کتابالبیع: تقریر لما افاده الامام الخمینی (س)صفحه 97
‏الاعتبار، وهل هو الاعتبار الشرعیّ، أو العرفیّ؟ فحیث إنّ الموضوع لابدّ وأن یؤخذ‏‎ ‎‏من العرف، فالأوّل هو المتعیّن، ومحذور التمسّک بالعموم فی الشبهات المصداقیّة‏‎ ‎‏إنّما یلزم علی الثانی دون الأوّل، إنّما الکلام فی أنّ الاعتبار العرفیّ، هل اُخذ تمام‏‎ ‎‏الموضوع للحکم أو لا، بل المأخوذ هو الاعتبار الموافق للاعتبار الشرعیّ؟‏

‏وبعبارة اُخریٰ : هل اُخذ الاعتبار العرفیّ موضوعاً للحکم ، أو طریقاً إلیه،‏‎ ‎‏وهو الاعتبار الشرعیّ؟ المتعیّن هو الثانی للزوم التخصیص الحکمیّ من الاستثناء‏‎ ‎‏فی الأوّل، وهو بعید.‏

‏ومعنیٰ ذلک أنّه حیث إنّ الشارع رأیٰ الملازمة بین اعتباره واعتبار العرف،‏‎ ‎‏أخذ الاعتبار العرفیّ موضوعاً لحکمه، فالاستثناء یرجع إلیٰ الملازمة، فلیس فی‏‎ ‎‏البین تخصیص حکمیّ، ولاتمسّک بالعموم فی الشبهة المصداقیّة، ولاتخطئة فیاعتبار‏‎ ‎‏العرف، ولا تبدّل الموضوع، بل فی مورد الشکّ یؤخذ بإطلاق الدلیل، فإنّ الموضوع‏‎ ‎‏ـ وهوالاعتبارالعرفیّ ـ موجود، والشکّ فی الملازمة یرجع إلی_' الشکّ فی التخصیص‏‎[1]‎‏.‏

‏هذا محصّل کلامه ‏‏قدس سره‏‏، إلاّ أنّه یشبه تطبیق الدعویٰ علیٰ الدلیل، لا إقامة‏‎ ‎‏الدلیل علیٰ المدّعیٰ؛ وذلک :‏

أوّلاً :‏ أنّ ما أفاده مبنیّ علیٰ الالتزام بوجود اعتبار شرعیّ فی العقد ونحوه،‏‎ ‎‏ولا یمکن الالتزام به، فإنّ ما هو مرتبط بالشارع المقدّس بیان الأحکام، وأمّا‏‎ ‎‏موضوعاتها فلابدّ من أخذها من العرف.‏

وثانیاً :‏ أنّ أخذ کلّ عنوان فی موضوع دلیل ظاهر فی موضوعیّته له، وأمّا‏‎ ‎‏کونه طریقاً إلی الموضوع فخلاف الظاهر، ولا ملزم لنا لارتکاب هذا المخالف‏‎ ‎‏للظهور، عدا ما أفاده من لزوم التخصیص الحکمیّ، ولا محذور فی ذلک، فإنّ العام‏

کتابالبیع: تقریر لما افاده الامام الخمینی (س)صفحه 98
‏یخصَّص، والمطلق یقیَّد، ومجرّد الاستبعاد لا یوجب ارتکاب خلاف الظاهر.‏

فالنتیجة :‏ أنّ موضوع الحکم هو الاعتبار العرفیّ، والاستثناء راجع إلی‏‎ ‎‏التخصیص فی الحکم، والشبهة المصداقیّة أیضاً مندفعة، کما ذکرنا.‏

وأمّا ما التزم به ‏قدس سره‏‏ :‏‏ من أنّ الموضوع هو الاعتبار العرفیّ؛ لأنّ الشارع رأیٰ‏‎ ‎‏الملازمة بین اعتباره وذلک، والاستثناء راجع إلی الملازمة.‏

ففیه أوّلاً :‏ أنّه إن أراد بذلک أنّ موضوع الحکم واقعاً هو الاعتبار الشرعیّ، فلا‏‎ ‎‏یمکنه التخلّص من الشبهة المصداقیّة، والملازمة بین العرف والشرع لا تدفعها، فإنّ‏‎ ‎‏الشکّ فی الملازمة راجع إلی الشکّ فی الموضوع، فکیف یمکن التمسّک بالإطلاق‏‎ ‎‏مع ذلک؟!‏

‏وإن أراد به أنّ موضوع الحکم هو الاعتبار العرفیّ، فلا یمکنه التخلّص من‏‎ ‎‏التخصیص الحکمیّ، ومجرّد فرض اعتبار شرعیّ فی البین لا یوجب ذلک.‏

وثانیاً :‏ أنّ الملازمة فی ما ذکره ـ من أنّ الشارع رأی الملازمة بین العرف‏‎ ‎‏والشرع ـ غیر قابلة للتخصیص، فإنّ ما هو قابل له إنّما هو الأحکام المجعولة قانوناً،‏‎ ‎‏لا الأمر الواقعی الظاهر من کلامه من جهة التعبیر بالرؤیة، وإن أراد بذلک أنّ الشارع‏‎ ‎‏جعل الملازمة بینهما یلزم منه اجتماع اللحاظین ـ الآلی والاستقلالی ـ فی کلام‏‎ ‎‏واحد، فإنّ المفروض أنّ الکلام فی مقام جعل الحکم للاعتبار العرفیّ استقلالاً، فلو‏‎ ‎‏کان فی مقام بیان الملازمة أیضاً للزم المحذور، وإن أراد به أنّ الآیة فی مقام جعل‏‎ ‎‏الملازمة فقط، فهو خلاف ظاهر الدلیل، کما لایخفیٰ.‏

فالمتحصّل :‏ أنّ الصحیح جواز التمسّک بعموم الآیة لإثبات لزوم المعاطاة،‏‎ ‎‏وفی جمیع موارد الشکّ فی اعتبار شیء وجودیّ أو عدمیّ فی صحّة العقد، ولا‏‎ ‎‏تُتصوّر الشبهة المصداقیّة ـ علیٰ ما ذکرنا ـ فی تقریب الآیة، وهی مندفعة علیٰ‏

کتابالبیع: تقریر لما افاده الامام الخمینی (س)صفحه 99
‏تقریب الشیخ ‏‏رحمه الله‏‎[2]‎‏.‏

‏ ‏

‎ ‎

کتابالبیع: تقریر لما افاده الامام الخمینی (س)صفحه 100

  • )) حاشیة المکاسب، الأصفهانی 2 : 7 / سطر 26 .
  • )) أقول : الظاهر لزوم المحذور علیٰ تقریب الشیخ رحمه الله، فإنّ موضوع الحکم وإن کان عرفیّاً، إلاّ أنّه مبتلیً بالمخصّص العقلیّ، وهو أنّا نعلم بأنّ العقد الغیر المؤثّر عند الشارع لایجب الوفاء به، وقد خُصّصت الآیة بذلک جزماً، فمع الشکّ فی أنّ العقد مؤثّر أم لا، لا یمکن التمسّک بالآیة، فإنّه من قبیل التمسّک بالعموم فی الشبهة المصداقیّة للمخصّص، بل للعموم؛ للعلم بأنّه لم تتعلّق الإرادة الجدّیّة بالعقد الغیر المؤثّر جزماً.     وأمّا علیٰ ما أفاده دام ظلّه فی تقریب الآیة : من أنّ الوفاء بالعقد هو التسلیم والتسلّم حدوثاً وبقاءً، ومعناه البقاء علیٰ التسلیم والثبات علیه، ولازمه اللزوم بنظر العقلاء، أو أنّه الثبات علی القرار، ومعناه اللزوم، فالشبهة المصداقیّة غیر متصوّرة علی التقریب الثانی، بخلاف التقریب الأوّل، فإنّه بمناسبة الحکم والموضوع یعلم أنّ لزوم التسلیم والتسلّم والبقاء علیه، إنّما هو من جهة العقد، کأنّ مفاد الدلیل هکذا لزم التسلیم والتسلّم ما دام العقد باقیاً، فمع الشکّ فی بقاء العقد تکون الشبهة مصداقیّة، وحینئذٍ احتمال إرادة هذا التقریب یسقط الاستدلال بالآیة الکریمة.     وأمّا علیٰ ما ذکرناه سابقاً ـ من إرادة الأعمّ من الوفاء ـ فلا تلزم الشبهة، فإنّه قد استعمل فی معنیً یری العرف أنّه یتحقّق بالتسلیم والثبات علی العقد، وقد مرّ.     وعلیٰ هذا فالشبهة المصداقیّة ـ ولو من جهة الابتلاء بالمخصّص العقلیّ ـ مندفعة، فإنّ المفروض تعلّق الأمر بالثبات علی العقد العرفیّ المؤثّر عند الشارع، ومعناه عدم تأثیر الفسخ.     ولا یتوهّم : أنّ العقد بعد الفسخ لا یعلم أنّه مؤثّر عند الشارع أم لا، فإنّه علی هذا التقریب أنّ الأمر بالثبات متعلّق بالعقد بلحاظ ما قبل الفسخ لا ما بعده، والمفروض أنّه قبل الفسخ کان مؤثّراً أیضاً، فلابدّ من الثبات علیه، ولکن لایخفیٰ أنّ الشبهة مندفعة فی مورد الفسخ فقط، لکن فی سائر موارد الشکّ ـ کتقدیم القبول علی الإیجاب والفارسیّة.. وهکذا ـ الشبهة موجودة حتّیٰ بناء علیٰ إرادة الأعمّ؛ للشکّ فی صدق الموضوع، ولا تدفعها عرفیّة العقود للعلم بتخصیص الآیة بالعقود المؤثّرة عند الشارع.     نعم، لو کانت الآیة دالّة علیٰ نفوذ العقد لکانت الشبهة مندفعة، فإنّه من الشکّ فی التخصیص، إلاّ أنّ معنیٰ الآیة وجوب الوفاء بمعنیٰ التسلیم والثبات علی العقد، فالموضوع هو العقد، وبحکم العقل أنّه العقد النافذ والمؤثّر عند الشارع. المقرّر حفظه الله .