الاستدلال علی المقام بآیة الوفاء بالعقود
6 ـ الآیة الکریمة : «یَا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ».
وتقریب الاستدلال بوجهین :
الأوّل : ما هوالمعروف من أنّ الوفاء بالعقد ـ کالوفاء بالنذر والعهد وغیرهما
کتابالبیع: تقریر لما افاده الامام الخمینی (س)صفحه 86
هو العمل بما یقتضیه ذلک العقد من تسلیم المال إلیٰ من انتقل إلیه والبقاء علیٰ ذلک، فإذن لایجوز أخذه منه بفسخ أو غیره، فإنّه منافٍ للعمل بمقتضیٰ العقد.
والتقریب علیٰ هذا المبنیٰ علیٰ أنحاء ثلاثة :
أ ـ أنّ الأمر بالوفاء بالعقد ـ أی العمل بما یقتضیه ـ کنایة عن لزوم العقد؛ من باب استعمال اللفظ فی اللازم بحسب الإرادة الاستعمالیّة وإرادة الملزوم بحسب الجدّ، فإنّ لازم اللزوم هو العمل بالمقتضیٰ، فعلیٰ هذا التقریب یکون الأمر بالوفاء إرشاداً إلیٰ اللزوم.
ب ـ أنّ الأمر بالوفاء بالعقد ـ أی العمل بما یقتضیه ـ تعلّق بالعمل بالمقتضیٰ حتّیٰ بحسب الإرادة الجدّیّة، لکنّه لیس أمراً مولویّاً، بل أمر علیٰ نحو ما هو ثابت عند العقلاء من لزوم العمل بما یقتضیه العقد، وحیث إنّ بین لزوم العقد وذلک ملازمة عند العقلاء، فالآیة تدلّ علیٰ لزوم العقد بالدلالة الالتزامیّة، فعلیٰ ذلک الملازمةُ والطرفان کلّها عقلائیّة. فهذا التقریب دالّ علیٰ اللزوم العقلائیّ.
ج ـ أنّ الأمر بالوفاء أمر مولویّ، إلاّ أنّ العقلاء یرون الملازمة بین وجوب العمل بمضمون العقد ولزوم ذلک وإن لم تکن ملازمة عند العقل؛ لإمکان أن یکون الفسخ محرّماً ومؤثّراً، فالملازمة عقلائیّة وإن کان الطرفان شرعیّین. وعلیٰ هذا التقریب اللزوم أمر شرعیّ.
هذه هی المحتملات .
ومقتضیٰ الجمود علی اللفظ الاحتمال الثالث ، وهو الأقرب، فإنّ ظاهر الأمر الوجوب المولویّ، ومقتضیٰ الاعتبار وفهم العقلاء أیضاً من الروایة هو الاحتمال الثانی؛ أی یکون الأمر إرشاداً إلی ما هو الثابت عند العقلاء، وبالملازمة العقلائیّة یستکشف اللزوم.
کتابالبیع: تقریر لما افاده الامام الخمینی (س)صفحه 87
وأمّا الاحتمال الأوّل فبعید، ومخالف لظهور الکلام وفهم العقلاء من ملاحظة الروایة.
الثانی : أن یقال : إنّ مفهوم العقد لم یُرَد قطعاً، بل هو عنوان کنائیّ عن القول والقرار، ووجوب الوفاء بذلک لیس إلاّ الثبات علیه وعدم نقضه، فبالمطابقة یکون معنیٰ الروایة لزوم العقد.
کتابالبیع: تقریر لما افاده الامام الخمینی (س)صفحه 88