تعریف البیع

إشکال ودفع

إشکال ودفع 

‏ ‏

‏لا إشکال فی عدم حصول الأثر المتوقّع من البیع بمجرّد الإیجاب قبل‏‎ ‎‏القبول، وهذا واضح، إلاّ أنّ الشیخ ‏‏قدس سره‏‏ ذکر : أنّ الأثر وإن کان مترتّباً علی الإیجاب‏‎ ‎‏والقبول معاً، لکنّ المکلّف باعتقاده یریٰ حصول الأثر بإیجابه المجرّد، وهذا من‏‎ ‎‏قبیل الإیجاب والوجوب، لا الکسر والانکسار‏‎[1]‎‏؛ أی کما أنّ الإیجاب قد یتخلّف‏‎ ‎‏عن الوجوب، مثلما إذا لم یلتفت الآمر إلی عدم أهلیّته للأمر، فإنّه یحصل منه‏‎ ‎‏الإیجاب، ولا یتحقّق فی الخارج الوجوب، کذلک یتخلّف ما هو معتقد للموجِب فی‏‎ ‎‏المقام ـ وهو حصول الأثر بالإیجاب فقط ـ عمّا هو معتبر عند الشارع، وهو حصوله‏‎ ‎‏به وبالقبول معاً.‏

‏ولایخفیٰ عدم تمامیّة ما ذکره ‏‏رحمه الله‏‏، فإنّه لو أراد من أنّ المکلّف یریٰ حصول‏‎ ‎‏الأثر بمجرّد الإیجاب؛ ذلک إذا لم یلتفت المکلّف إلی اشتراط القبول فی حصول‏‎ ‎‏الأثر، فهذا نادرٌ جدّاً.‏

‏ولو أراد منه مع الالتفات فلا واقعیّة لذلک، فإنّ الملتفت لعدم حصول الأثر إلاّ‏‎ ‎‏بالقبول، کیف یعتقد حصوله بمجرّد ایجابه؟! بل لا یعتقد إلاّ ما هو الواقع، وهو‏‎ ‎‏الحصول بالقبول.‏

‏وإذا کان الأمر کذلک یظهر إشکال : وهو أنّ المعتقد لعدم حصول الأثر بفعله،‏‎ ‎‏کیف یحصل الجدّ منه فی ذلک؟! أی کیف یُنشئ الموجب الملکیّة جدّاً مع علمه‏‎ ‎‏بتوقّفها علیٰ قبول الآخر‏‎[2]‎‏؟! ونظیر ذلک فی تکلیف العصاة والکفّار مع العلم بعدم‏‎ ‎‏الامتثال؛ من أنّه کیف یأمر الشارع المذکورین جدّاً؟! وکیف یرید منهم الفعل کذلک‏‎ ‎


کتابالبیع: تقریر لما افاده الامام الخمینی (س)صفحه 21
‏مع علمه بعدم حصول الداعی لهم للامتثال؟! ومآل هذا الإشکال عدم تحقّق‏‎ ‎‏الإرادة الجدّیّة من العالم بعدم حصول مراده فی الخارج، أو توقّفه علیٰ شیء غیر‏‎ ‎‏اختیاریّ له، وهذا الإشکال سارٍ فی جمیع أبواب العقود، وفی الفضولیّ، حتیٰ‏‎ ‎‏بالنسبة إلی القبول.‏

وأمّا الدفع :‏ فإنّ الفعل فی المقام ـ وهو الإنشاء ـ لیس سبباً لتحقّق الأثر،‏‎ ‎‏وهو الملک فی الخارج، فإنّ الملکیّة أمر اعتباریّ لابدّ من أن یعتبرها العقلاء ولو‏‎ ‎‏بالارتکاز العقلائیّ؛ بحیث لو عرض علیهم الفعل لاعتبروا ذلک الأثر، ولا یمکن أن‏‎ ‎‏یکون فعل أحد سبباً لاعتبار العقلاء، فإنّ الاعتبار أمر تکوینیّ قائم بالنفس مسبوق‏‎ ‎‏بمبادئه الخاصّة؛ بلا دخل لفعل أحد فیه، کما أنّه لیس الفعل آلة لذلک؛ بحیث یکون‏‎ ‎‏الفاعل فاعلاً مباشریّاً لکن بالآلة بعین البیان المتقدّم، فإنّه لا یمکن أن یکون أحد‏‎ ‎‏فاعلاً لاعتبار العقلاء مباشرة، فإنّ الاعتبار ینشأ من مبادئه الخاصّة کما مرّ، بل‏‎ ‎‏الفعل موضوع للاعتبار، وأنّ العقلاء بعد تحقّق ذلک الفعل یعتبرون ذلک الأثر.‏

‏وعلیه یندفع الإشکال؛ فإنّ الموجب وإن کان معتقداً لعدم اعتبار العقلاء الأثر‏‎ ‎‏إلاّ بالقبول، لکن حیث إنّه یریٰ دَخْل فعله فی موضوع الاعتبار یحصل الجدّ منه،‏‎ ‎‏وینشئ المفهوم بالإرادة الجدّیّة، بل لو فرضنا أنّ الفعل سبب أو آلة لتحقّق الأثر، إلاّ‏‎ ‎‏أنّ الإیجاب لیس سبباً تامّاً أو آلة تامّة، بل هو جزء السبب أو جزء الآلة، والإرادة‏‎ ‎‏الجدّیة بهذا المقدار حاصلة یقیناً.‏

‎ ‎

کتابالبیع: تقریر لما افاده الامام الخمینی (س)صفحه 22

  • )) المکاسب : 80 / سطر 21 ـ 22، ردّاً علی مقابس الأنوار : 107 / سطر 31.
  • )) اُنظر البیع ، الأراکی 1 : 23 .