الخاتمة فی الاجتهاد والتقلید

تقریر الإشکال بوجه آخر وجوابه

تقریر الإشکال بوجه آخر وجوابه 

‏ ‏

‏وربّما یقرّر إشکال عدم بقاء الموضوع بوجه آخر أصعب من الأوّل‏‏  .‏

‏وحاصله‏‏  ‏‏: إنّا لا نقول بالاحتیاج إلی بقاء الرأی خارجاً إلی زماننا حتّی یقال‏‏  ‏‏:‏‎ ‎‏بأنّ اللازم فی الاستصحاب اتّحاد القضیّة المتیقّنة والمشکوکة موضوعاً‏‎ ‎‏ومحمولاً لا البقاء الخارجی‏‏  ‏‏، بل نقول إنّ الحجّة إلی الأبد هو الرأی المتحقّق فی‏‎ ‎‏حال الحیاة ما لم یتبدّل إلی ضدّه‏‏  ‏‏، ولکن یتوقّف حجّیته إلی الأبد إلی أن یبقی‏‎ ‎‏إلی حال الموت بالإجماع‏‏  ‏‏، وأغلب المجتهدین یزول آراؤهم قبل الموت‏‎ ‎‏بالأمراض الموجبة للذهول والنسیان‏‏  ‏‏، وقلّ من لا یبتلی قبل موته بالأمراض‏‎ ‎‏الصعبة الموجبة لزوال الرأی فاستصحاب حجّیة الرأی موقوف علی إحراز بقاء‏‎ ‎‏الرأی إلی حال الموت‏‏  ‏‏، ومع الیقین بزواله أو الشکّ فیه لا مجال لاستصحاب‏‎ ‎‏الحجّیة ولا مجال لاستصحاب الرأی حتّی یترتّب علیه استصحاب الحجّیة فإنّ‏‎ ‎‏استصحاب الحجّیة لیس من الآثار الشرعیة للرأی‏‏  ‏‏، وقد حقّقنا فی محلّه‏‎[1]‎‏ أنّ‏‎ ‎‏إحراز موضوع الاستصحاب بالاستصحاب ممّا لا یصحّ بمقتضی القواعد‏‏  ‏‏،‏‎ ‎


کتابمحاضرات فی الاصول (تشتمل علی تنبیهات الاستصحاب و التعادل و الترجیح و الاجتهاد و التقلید): تقریر الابحاث الامام الخمینی (س)صفحه 463
‏ولیست الحجّیة من آثار طبیعة الرأی بحیث یکون الموضوع صرف الطبیعة‏‏  ‏‏، بل‏‎ ‎‏الموضوع هو الطبیعة بشرط الوجود‏‏  ‏‏، کما فی جمیع الهلیّات المرکّبة‏‏  ‏‏، فما لم‏‎ ‎‏یحرز وجود الطبیعة لم یکن مجال لاستصحاب الحجّیة له‏‏  ‏‏، فالقول بأ نّا‏‎ ‎‏نستصحب حجّیة الرأی بلا احتیاج إلی إحراز تحقّق الموضوع خارجاً فاسد‏‏  .‏

‏هذا‏‏  ‏‏، ولکن یدفع هذا الإشکال أیضاً بما ذکرنا من أنّا لا نسلّم کون الموضوع‏‎ ‎‏للحجّیة هو رأی المجتهد حتّی نحتاج إلی إحراز تحقّقه خارجاً إلی حال‏‎ ‎‏الموت‏‏  ‏‏، بل الحجّة هو نفس الفتوی والکتاب‏‏  ‏‏؛ والرأی واسطة فی الثبوت کما‏‎ ‎‏عرفت‏‏  .‏

‏نعم‏‏  ‏‏، یسقط الفتوی عن الحجّیة بالتبدّل فما لم یتبدّل الرأی یبقی الفتوی علی‏‎ ‎‏حجّیته کما فی باب التقویمات أیضاً وکذا باب الروایات‏‏  ‏‏، حیث تتوقّف حجّیتها‏‎ ‎‏علی جزم المخبرین فی تمام الوسائط‏‏  .‏

‏ثمّ إنّ الاحتیاج إلی الاستصحاب إنّما هو مع قطع النظر عن سیرة العقلاء‏‏  ‏‏،‏‎ ‎‏وإلاّ فسیرة العقلاء قد استقرّت علی الاعتماد علی تقویم المقوّم وإن مات‏‏  ‏‏، ما لم‏‎ ‎‏یتبدّل رأیه واعتقاده إلی التردید أو الجزم بالخلاف‏‏  ‏‏، ولا فرق عندهم بین الحیّ‏‎ ‎‏والمیّت‏‏  ‏‏. هذا کلّه ممّا یرتبط بالإشکال الأوّل‏‏  .‏

 

کتابمحاضرات فی الاصول (تشتمل علی تنبیهات الاستصحاب و التعادل و الترجیح و الاجتهاد و التقلید): تقریر الابحاث الامام الخمینی (س)صفحه 464

  • - تقدّم فی الصفحة 137.