الخاتمة فی الاجتهاد والتقلید

منشأ بناء العقلاء فی رجوع الجاهل إلی العالم

منشأ بناء العقلاء فی رجوع الجاهل إلی العالم 

‏ ‏

‏فنقول‏‏  ‏‏: ربّما یقال‏‏  ‏‏: إنّ منشأ بنائهم فی الاُمور المرتکزة لدیهم من العمل بخبر‏‎ ‎‏الواحد والحکم بمقتضی الید وأصالة الصحّة والتقلید من العالم ونحو ذلک حکم‏‎ ‎


کتابمحاضرات فی الاصول (تشتمل علی تنبیهات الاستصحاب و التعادل و الترجیح و الاجتهاد و التقلید): تقریر الابحاث الامام الخمینی (س)صفحه 444
‏قاهر عرفی أو شرعی فی الأعصار القدیمة ومقهوریة الآباء بسبب هذا الحکم‏‎ ‎‏وتوارث الأعقاب ذلک‏‏  .‏

‏وربّما یقال‏‏  ‏‏: أنّ منشأ ذلک انسداد باب العلم فی حوائجهم وما یدور علیه‏‎ ‎‏رحی معاشهم‏‏  ،‏‎[1]‎‏ فالانسداد الغالبی قهر کلاًّ منهم بتبعیة هذه الاُمور الظنّیة‏‏  .‏

‏والتحقیق‏‏  ‏‏: فساد کلا المبنیـین‏‏  ‏‏. بداهة أنّ وجود قاهر شمل حیطة تصرّفه‏‎ ‎‏جمیع البلاد والنقاط مقطوع العدم والارتکازات المشار إلیها متحقّقة فی أفراد‏‎ ‎‏الناس کلّهم‏‏  ‏‏، والسریان من بلد إلی جمیع الأمصار بعید‏‏  ‏‏، وبقاء الارتکاز بالإرث‏‎ ‎‏فی جمیع الأعصار أبعد والعامل بخبر الواحد أو الید أو نحوهما لا یلتفت إلی‏‎ ‎‏الانسداد ومقدّماته المنتجّة لحجّیة الظنّ حتّی یسند إرتکازه إلی ملاحظته‏‎ ‎‏الانسداد‏‏  .‏

‏فإن قلت‏‏  ‏‏: کان عمل الأسلاف مسنداً إلی الانسداد‏‏  ‏‏، ثمّ بقی الارتکاز‏‎ ‎‏بالتوارث‏‏  .‏

‏قلت‏‏  ‏‏: أوّلاً‏‏  ‏‏: أنّ المرتکز فی أذهان الأخلاف الاستناد إلی الأخبار والید‏‎ ‎‏ونحوهما من دون توجّه إلی عمل الأسلاف کیف والصغار أیضاً یعملون بخبر‏‎ ‎‏الواحد من دون التفات إلی عمل آبائهم والتوارث الخلقی ممنوع قطعاً‏‏  .‏

‏وثانیاً‏‏  ‏‏: أنّ الأسلاف کانوا یعملون بالخبر قطعاً حتّی مع التمکّن من تحصیل‏‎ ‎‏العلم أو الاحتیاط والظنّ الانسدادی لا یکتفی به مع التمکّن من العلم أو‏‎ ‎‏الاحتیاط‏‏  .‏

‏وبالجملة‏‏  ‏‏: فکلّ من الناس من الفرق والشعب المختلفة من أهل الأمصار من‏‎ ‎


کتابمحاضرات فی الاصول (تشتمل علی تنبیهات الاستصحاب و التعادل و الترجیح و الاجتهاد و التقلید): تقریر الابحاث الامام الخمینی (س)صفحه 445
‏الصغار والکبار قد ارتکز فی أذهانهم العمل بالأخبار والید وسائر الأمارات‏‎ ‎‏العقلائیة من دون توجّه إلی الانسداد ولا إلی عمل الأسلاف‏‏  ‏‏، فما الوجه فی هذا‏‎ ‎‏الارتکاز ؟‏

‏الظاهر أنّ الوجه فی ذلک ندرة مخالفتها للواقع وضعف احتمالها جدّاً فی‏‎ ‎‏نظرهم بحیث لا یعدّ الاعتناء بهذا الاحتمال عقلائیاً فغلبة الإصابة غلبة تقرب‏‎ ‎‏من الاستیعاب قد صارت سبباً لبنائهم علی الاعتناء بهذه الاُمور ولا یتّضح ذلک‏‎ ‎‏إلاّ بالدقّة فی أحوال العقلاء وأعمالهم‏‏  .‏

 

کتابمحاضرات فی الاصول (تشتمل علی تنبیهات الاستصحاب و التعادل و الترجیح و الاجتهاد و التقلید): تقریر الابحاث الامام الخمینی (س)صفحه 446

  • - قوانین الاُصول 2 : 246 ؛ وراجع : مطارح الأنظار 2 : 527 ـ 528 .