جواز نصب العامّی للقضاء
المورد الأوّل : هل یجوز للمجتهد أن ینصب العامّی أم لا ؟ بعد ما أثبتنا عدم کون العامّی بنفسه منصوباً من قبل الإمام وجواز نصبه له موقوف علی ثبوت أمرین :
الأوّل: أن لا یکون الاجتهاد شرطاً تعبّدیاً من قبل الشارع فیمن یباشر القضاوة بمعنی أن لا یکون للشارع حکم باشتراط الاجتهاد فی القاضی وإنّما اتّفق أن جعل الإمام خصوص المجتهد للقضاء وإلاّ فکان له أن یجعل له المقلّد أیضاً .
الثانی : أن یکون للمجتهد کلّ ما کان للإمام بمقتضی عموم النیابة والمنزلة فیجوز له نصب الغیر ، کما کان للإمام فما لم یحرز هذان الأمران لم یکن للمجتهد نصب العامّی .
کتابمحاضرات فی الاصول (تشتمل علی تنبیهات الاستصحاب و التعادل و الترجیح و الاجتهاد و التقلید): تقریر الابحاث الامام الخمینی (س)صفحه 434
أمّا الأمر الأوّل : فالظاهر فیه هو أنّ حیثیة الاجتهاد وعرفان الأحکام شرط تعبّدی شرعی فیمن یباشر القضاوة . ویدلّ علی ذلک قول أمیر المؤمنین علیه السلام لشریح : «یا شریح ، قد جلست مجلساً لا یجلسه إلاّ نبیّ أو وصیّ نبیّ أو شقیّ» .
وقول أبی عبدالله علیه السلام : «اتّقوا الحکومة ؛ فإنّ الحکومة إنّما هی للإمام العالم بالقضاء العادل فی المسلمین ، لنبیّ أو وصیّ نبیّ» .
فیستفاد منهما أ نّها من شؤون النبوّة أو الوصایة ، ولعلّها أعمّ بحیث تشمل الفقهاء ولو فرض کونها بالمعنی الأخصِّ، کان الفقیه خارجاً من هذا الحصر ویبقی غیره کالعامّی . ولا یخفی : أنّ مناسبة الحکم والموضوع أیضاً تقتضی باشتراط الفقاهة فی القاضی ، کما لا یخفی .
وأمّا الأمر الثانی : فیمکن أن یقال فیه أیضاً بمنع عموم المنزلة وعدم الدلیل علیه .
اللهمّ إلاّ أن یقال : إنّ تعیـین القضاة کان من وظائف المتصدّی لأمر الحکومة وعلی ذلک جری بناء الرسول صلی الله علیه و آله وسلم والخلفاء من بعده ، فالإمام بما أ نّه کان حاکماً کان ینصب قاضیاً ، فإذا حول أمر الحکومة بمقتضی المقبولة إلی الفقهاء کان لکلّ منهم جعل القاضی أیضاً ، إذ هو من شؤون الحکومة وکلّ ما هو من
کتابمحاضرات فی الاصول (تشتمل علی تنبیهات الاستصحاب و التعادل و الترجیح و الاجتهاد و التقلید): تقریر الابحاث الامام الخمینی (س)صفحه 435
شؤونها یثبت له بجعل الحکومة له ، وقولهم : بأنّ للنبیّ صلی الله علیه و آله وسلم والأئمّة علیهم السلام خصائص ، فلیس عموم المنزلة مراداً وإلاّ لزم تخصیص الأکثر ؛ ممنوع جدّاً ، فإنّ عموم المنزلة إنّما یدّعی فی خصوص ما یرتبط بباب الحکومة وشؤونها .
کتابمحاضرات فی الاصول (تشتمل علی تنبیهات الاستصحاب و التعادل و الترجیح و الاجتهاد و التقلید): تقریر الابحاث الامام الخمینی (س)صفحه 436