الخاتمة فی الاجتهاد والتقلید

نفوذ قضاوة العامّی وعدمه

نفوذ قضاوة العامّی وعدمه 

‏ ‏

‏وربّما یقال‏‏  ‏‏: بکفایة قضاوة العامّی العارف بالأحکام تقلیداً‏‏  .‏

‏ویستدلّ لذلک بإطلاق قوله تعالی‏‏  ‏‏: ‏‏«‏إِنَّ الله یَأْمُرُکُمْ أَنْ تُؤدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَی‎ ‎أَهْلِهَا وَإِذَا حَکَمْتُمْ بَیْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْکُمُوا بِالْعَدْلِ‏»‏‏  .‏‎[1]‎

‏بتقریب‏‏  ‏‏: أنّ الواجب بمقتضی الآیة وجوب الحکم بالعدل علی الکلِّ.‏‎ ‎


کتابمحاضرات فی الاصول (تشتمل علی تنبیهات الاستصحاب و التعادل و الترجیح و الاجتهاد و التقلید): تقریر الابحاث الامام الخمینی (س)صفحه 432
‏ومقتضی ذلک نفوذ حکمه وإلاّ لغی‏‏  .‏

‏وفیه‏‏  ‏‏: أنّ الآیة بصدد بیان أنّ الحاکم بعد ما کان أصل حاکمیته محرزاً یجب‏‎ ‎‏علیه الحکم بالعدل‏‏  ‏‏، ولیست بصدد بیان من یجوز له التصدّی للحکومة‏‏  ‏‏، مضافاً‏‎ ‎‏إلی أنّ الآیة واردة فی شأن أهل البیت‏‏   ‏‏علیهم السلام‏‏  ‏‏، فراجع الأخبار‏‏  .‏

‏ویستدلّ للإطلاق أیضاً‏‏  ‏‏: بالآیات الواردة فی سورة المائدة‏‎[2]‎‏ فی باب‏‎ ‎‏الحکومة وبقوله‏‏  ‏‏: ‏«البیّنة علی المدّعی‏  . . ‏‏  .‏‎[3]‎‏ والجواب عنها الجواب‏‏  .‏

‏ومثل ذلک الاستدل بقوله‏‏  ‏‏: ‏«ورجل قضی بالحقّ وهو یعلم»‏  ،‏‎[4]‎‏ وروایة‏‎ ‎‏أبی خدیجة‏‏  ‏‏: ‏«یعلم شیئاً من قضایانا»‏  .‏‎[5]‎

‏وقد عرفت‏‏  ‏‏: أنّ هذا العنوان لا یصدق علی العامّی فإنّه لا یعرف أحکامهم‏‎ ‎‏وقضایاهم‏‏  ‏‏، بل یعرف أحکام المجتهد‏‏  .‏

‏وقد یستدلّ أیضاً بروایة الحلبی‏‏  ‏‏، قال‏‏  ‏‏: قلت لأبی عبدالله  ‏‏علیه السلام‏‏  ‏‏: ربّما کان بین‏‎ ‎‏الرجلین من أصحابنا المنازعة فی الشیء فیتراضیان برجل منّا‏‏  ‏‏، فقال‏‏  ‏‏: ‏«لیس هو‎ ‎من ذاک‏  ‏، إنّما هو الذی یجبر الناس علی حکمه بالسیف والسوط»‏  .‏‎[6]‎


کتابمحاضرات فی الاصول (تشتمل علی تنبیهات الاستصحاب و التعادل و الترجیح و الاجتهاد و التقلید): تقریر الابحاث الامام الخمینی (س)صفحه 433
‏وفیه‏‏  ‏‏: أیضاً أ نّه لیس بصدد بیان أنّ کلّ رجل منّا له أن یتصدّی هذا المقام‏‏  .‏

‏ویستدلّ أیضاً للعموم‏‏  ‏‏: بأنّ الاجتهاد أمر مستحدث‏‏  ‏‏. وفیه ما عرفت‏‏  ‏‏: من أنّ‏‎ ‎‏الاعتبار لیس بمفهوم الاجتهاد المتنازع فی حقیقته‏‏  ‏‏، بل الاعتبار بصدق کونه‏‎ ‎‏عارفاً بحلالهم وحرامهم والمقلّد لا یصدق علیه ذلک وإن علم جمیع المسائل‏‎ ‎‏عن تقلید‏‏  ‏‏، کما عرفت بیانه‏‏  ‏‏، فتدبّر جیّداً‏‏  .‏

‏ثمّ لو شکّ فی اشتراط الاجتهاد والفقاهة بالکیفیة التی ذکرنا کان المحکّم‏‎ ‎‏أیضاً هو الأصل الأوّلی وهو عدم نفوذ القضاوة إلاّ ممّن علم بنفسه قطعاً أنّه‏‎ ‎‏منصوب من قبل الإمام ‏‏علیه السلام‏‏  .‏

‏ویقع الکلام فی موردین‏‏  :‏

 

کتابمحاضرات فی الاصول (تشتمل علی تنبیهات الاستصحاب و التعادل و الترجیح و الاجتهاد و التقلید): تقریر الابحاث الامام الخمینی (س)صفحه 434

  • - النساء (4) : 58 .
  • - المائدة (5) : 44 و45 و47 .
  • - وسائل الشیعة 27 : 233 ، کتاب القضاء ، أبواب کیفیة الحکم ، الباب 3 .
  • - الکافی 7 : 407 / 1 ؛ وسائل الشیعة 27 : 22 ، کتاب القضاء ، أبواب صفات القاضی ، الباب 4 ، الحدیث 6 .
  • - الکافی 7 : 412 / 4 ؛ الفقیه 3 : 2 / 1 ؛ تهذیب الأحکام 6 : 219 / 516 و303 / 846؛ وسائل الشیعة 27: 13، کتاب القضاء، أبواب صفات القاضی، الباب 1، الحدیث 5.
  • - تهذیب الأحکام 6 : 223 / 532 ؛ وسائل الشیعة 27 : 15 ، کتاب القضاء ، أبواب صفات القاضی ، الباب 1 ، الحدیث 8 .