النظر السادس : حول حقیقة الحمد فی الخالق والمخلوق

‏‏النظر السادس‏

‏‏ ‏

‏‏حول حقیقة الحمد فی الخالق والمخلوق‏

‏‏ ‏

‏‏اعلم أن الـحمد بالـحمل الأوّلی هو إظهار هذا الـمفهوم فی قالـب‏‎ ‎‏لفظیّ، وأحسنـه قولـه: ‏‏«‏‏اَلْحَمْدُ لِلّٰهِ‏‏»‏‏ کما أثنیٰ بـه علیٰ نفسـه فی الـکتاب‏‎ ‎‏الإلهیّ فی مواقف عدیدة، وکان الأنبیاء والأولیاء یحمدونـه تعالـیٰ بذلک، کما‏‎ ‎‏یأتی فی تاریخ هذه الـجملـة وسابقتها قبل الإسلام.‏

‏‏والـحمد بالـحمل الـشائع وهو الـحمد الـفعلی وهو الـمخلوق قد‏‎ ‎‏یکون بإتیان الأعمال الـصالـحـة من الـعبادات والـخیرات وإیصال الـقویٰ‏‎ ‎‏الـکامنـة إلـیٰ الـغایات؛ ابتغاء لمرضاتـه، فیستعمل الـحامد کلّ عضو فیما‏‎ ‎‏خُلق لأجلـه علیٰ الـوجـه الـمشروع؛ حتّیٰ یحصل الـوفاق بین مقالـتـه‏‎ ‎‏وأعمالـه ، وهذا هو الـحمد الـفعلیّ بالـمعنیٰ الأخصّ الـمسمّی بالـعملی‏‎ ‎‏عندنا، وقد یکون حالـیّاً وقلبیّاً، وهو الـمسمّیٰ بالـتخلّق بأخلاق اللّٰه والـتعیّن‏‎ ‎‏بالأوصاف الـکمالـیّـة والـجمالـیّـة وحبّ الـمعروف وبغض الـمنکر،‏‎ ‎‏وبالـجملـة: الـجهاد مع الـنفس، وهو الـجهاد الأکبر.‏

‏‏وأمّا الـحمد فی الـخالـق: فهو إظهار الـصفات والـکمالات، وهذا هو‏
‏‎

‏‏وفی اعتبار آخر: جمیع الـموجودات فی نظامـه الـجملی حمد واحد؛‏‎ ‎‏لما قد اشتهر: أنّ الـجمیع بمنزلـة الإنسان الـکبیر الـواحد لـه وحدة ظلّیّـة‏‎ ‎‏حقیقیّـة حقّـة، ولـه صورة واحدة، وهی الـحقیقـة الـتامّـة الـمحمّدیّـة، فیصحّ‏
‏‎

‏‎

• )) الکافی 3: 324 / 12، عوالی اللآلی 1 : 389 / 21، مسند أحمد 1 : 96 و118 و150، سنن ابن ماجة 2: 1263 / 3841، سنن الترمذی 5 : 187 / 3562 ـ 3563 .
• )) الإسراء (17) : 79 .
• )) اُنظر تفسیر القرآن الکریم ، صدر المتألهین : 73 ـ 74 .