تکملة : بحث عن أسرار حروف البسملة
الـحروف الـملفوظـة لهذه ثمانیـة عشر، والـمکتوبـة تسعـة عشر، وإذا انفصلت الـکلمات وکُتبت مفصّلـة تصیر إلـی اثنین وعشرین:
فالـثمانیـة عشر إشارة إجمالـیّـة إلـی الـعوالـم الـکثیرة، الـبالـغـة کنایـة إلـی ثمانیـة عشرَ ألفَ عالَم؛ إذ قد عرفت أنّ الألف هو الـعدد الـتامّ الـمشتمل علی مراتب الأعداد والـکلمات، فهی اُمّ الـمراتب برُمَّتها، فعبّر عنها عن اُمّهات الـعوالـم فی الـغیب والـشهادة، وهی عالـم الـجبروت وعالـم الـملکوت والـعرش والـکرسیّ والـسماوات الـسبع والـعناصر الأربعـة والـموالـید الـثلاث.
کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. ۱)صفحه 177
وأمّا الـتسعـة عشر فهی إشارة إلـیها مع الـعالـم الإنسانیّ، فإنّـه وإن کان داخلاً فی الـحیوان الـذی من الـموالـید الـثلاث، إلاّ أنّـه باعتبار جامعیّتـه للکلّ وحصره للوجود عالـم آخر، کالـخیط بالـنسبـة إلـیٰ الـدُّرر الـمنظومـة بـه، والألفات الـمحتجبـة الـثلاثـة الـتی متمّم الاثنین والـعشرین، إشارة إلـی الـعالـم الإلهی الـحقّ باعتبار الـذات والـصفات والأفعال، فهی ثلاثـة عوالـم عند الـتفصیل، وفی اعتبار عالـم واحد.
وقیل: هو هکذا عند الـتحقیق، والـثلاثـة الـمکتوبـة إشارة إلـیٰ ظهور تلک الـعوالـم علی الـمظهر الأعظمی الإنسانی.
وقیل : لاحتجاب الـعالـم الإلهیّ حین سئل رسول اللّٰه صلی الله علیه و آله وسلم عن ألف الـباء: أین ذهبت؟ قال: «سرقها الشیطان»، وأمر بتطویل باء «بِسْمِ اللّٰهِ» تعویضاً عن ألفها، إشارة إلـی احتجاب اُلوهیّـة الإلهیّـة فی صورة الـرحمـة الانتشاریّـة، وظهورها فی الـصورة الإنسانیّـة بحیث لایعرفها إلاّ أهلها، ولهذا نُکّرت فی الـوضع، فالـذات محجوبـة بالـصفات، والـصفات بالأفعال، والأفعال بالأکوان والآثار، فمن تجلّت علیـه الأفعال بارتفاع حجب الأکوان توکّل، ومن تجلّت علیـه الـصفات بارتفاع حجب الأفعال رضی وسَلّم، ومن تجلّت علیـه الـذات بانکشاف حجب الـصفات فنی فی الـوحدة، فصار موحّداً مطلقاً فاعلاً ما فعل وقارئاً ما قرأ «بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمـٰنِ الرَّحِیمِ».
وقیل: إنّ الألف الـمحذوفـة قراءة وکَتْباً إشارة إلـی الـقائم الـغائب،
کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. ۱)صفحه 178
الـذی بـه قوام الـوجود فی الـصعود، فالألف هو الـمقوّم للحروف غائب فی ابتداء الـکتاب الإلهی مشیراً إلـی غیاب الـقائم من آل محمّد صلی الله علیه و آله وسلم .
کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. ۱)صفحه 179