المسألة الاُولیٰ
اعتبارات حقیقة الوجود
قد تقرّر فی علم الأسماء وبلغ نصاب الـتحقیق ومیقات الـبرهان والـتدقیق:
أنّ لحقیقـة الـوجود اعتبارات من الـلابشرط، والـبشرط لا، والـبشرط شیء، کما هی ثابتـة فی الـماهیّات، ولکن الاختلاف فی أنحاء الـموضوعات، فإذا اُطْلقت حقیقـة الـوجود واُخذت بشرط أن لا یکون معها شیء، فهی الـمسماة عندنا بالـمرتبـة الأحدیّـة الـذاتیّـة الـمستهلکـة فیها جمیع الأسماء والـصفات، وتُسمّیٰ مقام جمع الـجمع وحقیقـة الـحقائق والـعماء الـمطلق.
وإذا اُخذت بشرط شیء، فإمّا أن تُؤخذ بلحاظ جمیع الأعیان الـلازمـة لها؛ من الـکلّیّـة والـجزئیّـة وبلحاظ جمیع الـصفات والأسماء الـملزومات
کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. ۱)صفحه 119
لتلک الـحقیقـة، فهی الـمسمّاة بمقام الـواحدیّـة ومقام الـجمع، وبلحاظ ظهور الأعیان فی الـمرتبـة الـعلمیّـة تبعاً لظهور الـصفات، تسمّیٰ هذه الـمرتبـة مقام الـربوبیّـة الـجمعیّـة.
وإذا اُطلقت واُخذت لا بشرط شیء آخر ولا بشرط لا شیء، فهی عندنا هی الـهویّـة الـساریـة والـجاریـة فی جمیع الأعیان الـثابتـة والـماهیّات الإمکانیّـة.
وإذا اُطلقت واُخذت بلحاظ کلّیّات الأشیاء فقط، فهی الاسم الـرحمن، وهو ربّ الـعقل الأوّل، وهو اُمّ الـکتاب والـقلم الأعلیٰ ولوح الـقضاء عند أرباب الـعرفان.
وإذا اُخذت بلحاظ الـکلّیّات الـمفصّلـة، الـصائرة جزئیّات فی الـعلم، الـثابتـة فی الـحضرة الـربوبیّـة من غیر احتجابها عن کلّیّاتها، فهی مرتبـة الاسم الـرحیم، وهو ربّ الـنفس الـکلّیّـة الـمسمّاة بلوح الـقدر، وهو الـلوح الـمحفوظ والـکتاب الـمبین.
وهنا اعتبارات اُخر حسب مراتب الأعیان الـعلمیّـة فی الـمظاهر الـعینیّـة، ومراتب الـتکوین إلـیٰ منتهیٰ إلـیـه قوس الـنزول، ثمّ یرجع إلـیٰ منتهیٰ إلـیـه قوس الـصعود، ولکلّ واحد من الأسماء الإلهیّـة اعتبار خاصّ بـه، ینمو مسمّاه فی الـنشآت الـغیبیّـة والـشهادیّـة علی ما یتخیّلـه الـنفوس الـقدسیّـة. وتفصیل ذلک فی الـکتب الاُخر الـمعدّة لذلک.
وما هو الاسم الـجامع هو الـرحمن، والأجمع منـه الـکلمـة الـشریفـة «اللّٰه»، فإنّ موالـید الأسماء والـمسمّیات ترجع إلـیٰ هذه الاُمّ الاُولیٰ، وتحت سیطرة هذا الاسم «اللّٰه» یکون مقتضیات جمیع الأسماء علی حدّ سواء، بخلاف
کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. ۱)صفحه 120
مظاهر سائر الأسماء، وما هو الـمظهر لـه حضرة الـکون الـجامع والإنسان الأوّل الـکلّی، الـمسمّیٰ بذی الـمقام الـرفیع متّخذاً ذلک عن رفیع الـدرجات.
وسیظهر وجـه إتْباع «الـرحمٰن» عن «اللّٰه» فی الـبسملـة من هذه الـطریقـة الـغراء والـمسلک الـشریف الأحلیٰ. وهذا هو الاسم الأعظم الإجمالـی.
کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. ۱)صفحه 121