سورة الفاتحة

إضافة وإبانة

إضافة وإبانة

‏ ‏

‏قد اشتهر أنّ خفض الاسم فی بسم اللّٰه، أوجب رفعـه فی ‏‏«‏تَبَارَکَ اسْمُ‎ ‎رَبِّکَ ذِی الْجَلاَلِ وَالإِکْرَامِ‏»‏‎[1]‎‏ وهذا هو أحد الـمسالـک الـسبعـة الـسابقـة،‏‎ ‎‏وکنّا قد اخترعناه فی هذا الـمضمار، وهو: أنّ هذه الـکلمـة سیقت للتبرّک، ولا‏‎ ‎‏تکون جملـة ناقصـة أدبیّـة حتّیٰ تحتاج إلـی الـمتعلّق، فتکون بـه کاملـة، بل‏‎ ‎‏هذا کقول الـناس: «اللّٰه» فی بعض الأحیان، فإنّ نفس تذکّر اللّٰه بإمراره علی‏‎ ‎‏الـلسان بوجوده الـلفظی وذکره الـقلبی، صیانـة عن الـخطأ والـزلل، ویعبّر‏‎ ‎‏عنـه فی هذا الـعصر بوجـه آخر «تیتر»، فإنّ الـجملـة الـتی تقع بعنوان «تیتر»‏

کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. ۱)صفحه 100
‏لیست متعلّقاً لأمر حتّیٰ تُکمّل بـه، بل هی برنامج الـمقالـة الـتی اُرید طرحها‏‎ ‎‏وذکرها، فهذه الـبسملـة مضافاً إلـیٰ کونها للتبرّک لاشتمالـها علیٰ أسماء اللّٰه‏‎ ‎‏تعالـیٰ، تُعدّ تیتراً للفاتحـة والـکتاب؛ لأنّ اشتمالـها علیٰ کلمـة «اللّٰه» الـجامع‏‎ ‎‏لجمیع مقتضیات الأسماء والـصفات علیٰ نعت الاعتدال والاستواء ـ ففیها‏‎ ‎‏صفات الـجلال والـجمال ـ کاف لکونها تیتر الـکتاب والـسورة، فلیست‏‎ ‎‏الـباء جارّة ومستعملـة فی معناها الـحرفی الـمحتاج إلـی الـمتعلّق.‏

‏وأمّا خفضـه فهو لأجل اقترانـه بالـکلمـة الـشریفـة، فإنّ فی قبال‏‎ ‎‏الـکامل علی الإطلاق والـمتکبّر بالاستحقاق، لابدّ من الـخضوع والـخشوع،‏‎ ‎‏ولکن تحت هذا الاندکاک والـفناء، هو الـبقاء والـرفعـة فی ‏‏«‏تَبَارَکَ اسْمُ‎ ‎رَبِّکَ‏»‏‏، وفی قولـه تعالـیٰ: ‏‏«‏علیهُ اللّٰهَ‏»‏‎[2]‎‏ بالـرفع هو الـسِّرّ الآخر، وهـو‏‎ ‎‏کسـر الأنانیّـة والإنّـیّـة، فإنّ الـهاء إنیّـتـه وصُورتـه الـکسـرة والـخفض، إلاّ‏‎ ‎‏أنّ لإجلال الکلمة الشریفـة رفـض صورتـه وهویّتـه؛ قیاماً بالوظیفة المقدّسة،‏‎ ‎‏وهـو تفخیـم الاسـم الـشریف فی الـتلفّظ. واللّٰه الـعالـم بحقائق الاُمـور.‏

کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. ۱)صفحه 101

  • )) الرحمن (55) : 78 .
  • )) الفتح (48) : 10 .