دوران الأمر بین التقیـید وحمل الأمر علی الاستحباب تعارض الأدلّة والأمارات / دوران الأمر بین التقیـید وحمل الأمر علی الاستحباب
ومن موارد الأظهر والظاهر أیضاً صورة دوران الأمر بین تقیـید الإطلاق وبین حمل الأمر أو النهی علی الاستحباب أو الکراهة .
والتحقیق أن یقال : إنّ الإطلاق الوارد فی مقام البیان إمّا أن یکون فی قضیّة شخصیة ، کما إذا سئل رجل عن تکلیفه الفعلی فیما إذا أفطر یوماً من رمضان عمداً مثلاً ، فقال له : «أعتق رقبة» وإمّا أن یقع فی قضیّة کلّیة فی محیط التقنین والتشریع ، کما إذا وقع فی مقام الجواب عن سؤال مثل زرارة ومحمّد بن مسلم وأمثالهما فإنّ المقصود لهما فی سؤالهما لیس الاستفتاء لنفسهما ، بل ذکر المورد فی ألسنتهما من باب الفرض والتقدیر ، ومقصودهما من السؤال استفادة قواعد کلّیة والاطّلاع علی قوانین الإسلام لیجمع فی الکتب مثلاً، فیرجع إلیها من احتاج؛ فإن وقع الإطلاق فی قضیّة شخصیة ثمّ ورد منفصلاً «أعتق رقبة مؤمنة» أو «لا تعتق رقبة کافرة» ، ففی مثل ذلک یکون حمل الأمر علی الاستحباب والنهی علی الکراهة أهون من التصرّف فی الإطلاق ، إذ فی تقیـیده محذور الإغراء بالجهل أو النسخ المستبعد أو کون حکم المطلق حکماً صوریاً وهو أیضاً بعید ، وأمّا التصرّف فی ظاهر الأمر والنهی فسهل خصوصاً إذا قلنا : بأنّ استفادة الإلزام من الإطلاق لا من باب الوضع ، فإنّ الإطلاق الأوّل الوارد فی مقام البیان لمن سأل علیه السلام عن حکمه لیعمل به یصیر
کتابمحاضرات فی الاصول (تشتمل علی تنبیهات الاستصحاب و التعادل و الترجیح و الاجتهاد و التقلید): تقریر الابحاث الامام الخمینی (س)صفحه 337
بیاناً للتصرّف فی ظهور الأمر والنهی .
وأمّا إذا وقع الإطلاق فی قضیّة کلّیة فی محیط التشریع فإن قلنا : بأنّ للأمر والنهی ظهوراً وضعیاً أو انصرافیاً فی الإلزام تقدّم علی الظهور الإطلاقی لاستفادة الإطلاق من السکوت فی مقام البیان وظهور الأمر والنهی یصلح بیاناً والتصرّف فی الإطلاق فی محیط التقنین سهل جدّاً .
وإن قلنا : بأنّهما موضوعان لمطلق البعث والزجر وإنّ استفادة الإلزام من باب الإطلاق وإجراء مقدّمات الحکمة فالأمر یدور بین الإطلاقین ولا مرجّح لأحدهما .
کتابمحاضرات فی الاصول (تشتمل علی تنبیهات الاستصحاب و التعادل و الترجیح و الاجتهاد و التقلید): تقریر الابحاث الامام الخمینی (س)صفحه 338