الأمر السادس فی أنّ القاعدة هل تختصّ بالأجزاء أو تعمّ الشروط
هل القاعدة تختصّ بالأجزاء أو تجری فی الشروط أیضاً ، الأقوی هو الثانی . وبیان ذلک یتوقف علی تقدیم مقدّمة وهی : أنّ الوجوه المتصوّرة فی قاعدتی الفراغ والتجاوز وإن کانت فی غایة الکثرة إلاّ أنّ ما یعتنی بها منها ثمانیة :
الأوّل : کون کلّ منهما قاعدة عقلائیة وأمارة عرفیة معمول بها عند العقلاء إحداهما : تجری فی مورد الشکّ فی وجود شیء بعد تجاوز محلّه . والاُخری : فی مورد الشکّ فی صحّة الشیء بعد الفراغ عنه ، وما صدر من الشرع لیس إلاّ إمضاء لما علیه بناء العقلاء .
الثانی : کون قاعدة الفراغ أمارة عقلائیة وقاعدة التجاوز أمارة تأسیسیة شرعیة .
الثالث : کون الاُولی أمارة عقلائیة والثانیة أصلاً شرعیاً بأقسامه .
الرابع : کون کلّ منهما أمارة شرعیة تأسیسیة .
الخامس : رجوعهما إلی قاعدة واحدة وأصل تعبّدی غیر محرز .
السادس : رجوعهما إلی أصل عملی محرز للواقع المشکوک فیه بنحو
کتابمحاضرات فی الاصول (تشتمل علی تنبیهات الاستصحاب و التعادل و الترجیح و الاجتهاد و التقلید): تقریر الابحاث الامام الخمینی (س)صفحه 273
الإطلاق بمعنی وجوب البناء علی تحقّق المشکوک مطلقاً حتّی یترتّب علیه آثار الوجود بالنسبة إلی ما لم یتحقّق التجاوز بالنسبة إلیه أیضاً .
السابع : رجوعهما إلی أصل کذلک ، ولکن بالنسبة إلی خصوص ما تجاوز محلّ المشکوک بالنسبة إلیه .
الثامن : کون کلّ منهما أصلاً تعبّدیاً شرعیاً من دون إحراز .
إذا عرفت هذا ، فنقول : أمّا وجود أمارة عقلائیة فی البین فقد عرفت فساده سابقاً فإنّ بناءهم علی المضیّ بصرف التجاوز أو الفراغ غیر معلوم .
نعم ، یمکن أن یدّعی بناءهم علی عدم الاعتناء لو تخلّل زمان طویل فی البین ، لکن هذا غیر نفس عنوان التجاوز أو الفراغ ، بل یمکن أن یقال : بأنّه لا معنی لکون الشکّ فی الإتیان والامتثال الذی هو من الاُمور الوجدانیة للعبد ، ولا سبیل للموالی العرفیة إلی کشفه والعلم بصدق مدّعیه حجّة وعذراً بینهم یعتذر به العبد فی قبال المولی ، وإنّما مدار احتجاجاتهم علی الاُمور التی تقع فی طریق الإثبات للمقصود کالبیّنة ونحوها .
نعم ، فی الموارد التی لا یمکن تحصیل الواقع فیها إلاّ من قبل العبد لا یبعد حجّیة قوله فی الامتثال ، ولکن لا یرتبط هذا أیضاً بمسألة حجّیة الشکّ بعد الفراغ أو التجاوز .
وأمّا وجود قاعدتین تأسیسیّـتین شرعیّـتین ، فقد عرفت فساده أیضاً ، وأنّ لسان جمیع الأخبار وسیاقها واحد ، والمجعول فیها لیس إلاّ قاعدة التجاوز فحسب .
کتابمحاضرات فی الاصول (تشتمل علی تنبیهات الاستصحاب و التعادل و الترجیح و الاجتهاد و التقلید): تقریر الابحاث الامام الخمینی (س)صفحه 274