مقتضی الأصل فی تعارض الاستصحابین
واعلم أنّه یظهر من کلام الشیخ قدس سره أنّ حجّیة الاستصحاب لما لم تکن من جهة أماریته وطریقیته ، بل من جهة کونه من الاُصول التعبّدیة الشرعیة ، کان مقتضی ذلک کون الأصل الأوّلی فی تعارض الاستصحابین التخیـیر لا التساقط . ولا یخفی فساد ذلک : فإنّ الأصل الأوّلی وإن کان علی الطریقیة هو التساقط وعلی السببیة التخیـیر ، ولکن لیس المراد بالتعبّد الواقع فی الاُصول ، السببیة المقابلة للطریقیة ، فإنّ المراد بالسببیة کون قیام الطریق موجباً لإحداث المصلحة ، ولذا یرجع الاُمور فیه إلی باب التزاحم ویکون القاعدة فیه التخیـیر ولیس باب الاُصول التعبّدیة هذا الباب فإنّ قیام الأصل لا یوجب حدوث المصلحة وإلاّ صار مؤدّاه حکماً واقعیاً نفسیاً ، کما هو الأمر فی الأمارات علی السببیة .
والحاصل : أنّ المقابل للطریقیة أمران :
الأوّل : السببیة ، ومورده ما إذا کان قیام الأمارة أو الأصل موجباً لحدوث مصلحة نفسیة .
الثانی : التعبّدیة ، کما فی الاُصول ولا یستلزم ذلک حدوث المصلحة ، ومن البدیهی أنّ قیام الاستصحاب لا یوجب حدوث مصلحة نفسیة ، بل الملاک فی جعل الاستصحاب هو رعایة الواقعیات وتحفّظها ، کما فی أصل الاحتیاط الشرعی . غایة الأمر : أنّ أصل الاحتیاط یتحفّظ به خصوص التکالیف الإلزامیة
کتابمحاضرات فی الاصول (تشتمل علی تنبیهات الاستصحاب و التعادل و الترجیح و الاجتهاد و التقلید): تقریر الابحاث الامام الخمینی (س)صفحه 190
والاستصحاب ینحفظ به جمیع الواقعیات التی لها حالة سابقة ولو کانت أحکاماً ترخیصیة أو وضعیة ، فتدبّر .
ثمّ إنّ هنا اُصولاً اُخر موضوعیة یجب أن ینبّه علیها وعلی نسبتها مع الاستصحاب .
کتابمحاضرات فی الاصول (تشتمل علی تنبیهات الاستصحاب و التعادل و الترجیح و الاجتهاد و التقلید): تقریر الابحاث الامام الخمینی (س)صفحه 191