تنبیهات الاستصحاب

المناط فی تشخیص الموضوع فی الاستصحاب

المناط فی تشخیص الموضوع فی الاستصحاب

‏ ‏

‏ثمّ إنّ الموضوع فی الاستصحاب‏‏  ‏‏، هل یؤخذ من العقل أو الدلیل المثبت‏‎ ‎‏للحکم أو العرف ؟‏

‏الأقوی هو الأخیر‏‏  ‏‏، ومعنی «أخذه من العقل» أخذه من العقل بعد إعمال‏‎ ‎‏دقّته‏‏  ‏‏، کما أنّ معنی «أخذه من الدلیل» أخذه من الدلیل بعد تنقیح موضوعه بإلغاء‏‎ ‎‏الخصوصیة ونحوه فکلّ ما حکم العرف بکونه موضوعاً لهذا الدلیل بحیث لا‏‎ ‎‏یحتمل ثبوت هذا الحکم فی غیر مورد تحقّق هذا الشیء فهو الموضوع للدلیل‏‏  ‏‏،‏‎ ‎‏ولو فرض اختیار أخذ موضوع الاستصحاب من الدلیل‏‏  ‏‏، فالمراد موضوع الدلیل‏‎ ‎‏بعد تنقیحه لا موضوعه بحسب اللفظ والتکلّم، کما یتراءی ذلک من بعض العبائر.‏

‏فإن قلت‏‏  ‏‏: فعلی هذا لا یبقی فرق بین أخذه من الدلیل أو من العرف‏‏  .‏‎[1]‎


کتابمحاضرات فی الاصول (تشتمل علی تنبیهات الاستصحاب و التعادل و الترجیح و الاجتهاد و التقلید): تقریر الابحاث الامام الخمینی (س)صفحه 139
‏قلت‏‏  ‏‏: الفرق بینهما مع ذلک ثابت فلو قال الشارع‏‏  ‏‏: «العنب إذا غلی ینجس»‏‎[2]‎‎ ‎‏فلا شکّ أنّ العرف بعد تمام تصرّفاته من إلغاء الخصوصیة ونحوه یحکم بأنّ‏‎ ‎‏الموضوع لهذا الحکم هو «العنب» بحیث لا یشکّ فی عدم شمول هذا الدلیل‏‎ ‎‏للزبیب‏‏  ‏‏، ولکنّه مع ذلک لو شکّ فی أنّ «الزبیب» أیضاً محکوم بهذا الحکم أم لا‏‏  ‏‏،‏‎ ‎‏أجری الاستصحاب‏‏  ‏‏، فیقول‏‏  ‏‏: هذا الشیء الموجود کان سابقاً بحیث إذا غلی‏‎ ‎‏ینجس‏‏  ‏‏، فالآن کذلک‏‏  .‏

والسرّ فی ذلک‏  ‏‏: أنّ النهی فی قوله‏‏  ‏‏: ‏«لا تنقض»‏ تعلّق بنقض الیقین بالشکّ‏‎ ‎‏فکلّ ما صدق علیه هذا العنوان کان مشمولاً لهذا الحکم‏‏  ‏‏، وفی المثال یکون‏‎ ‎‏الحکم بطهارة الشیء الموجود الذی کان نجساً سابقاً‏‏  ‏‏، نقضاً للیقین بنظر العرف‏‏  ‏‏،‏‎ ‎‏فافهم فإنّه دقیق‏‏  .‏

‏ثمّ اعلم أنّ الشارع إذا قال‏‏  ‏‏: «کلّ جسم لاقی نجساً فهو نجس» لا یفهم منه‏‎ ‎‏العرف کون الموضوع للنجاسة عبارة عن حیثیّة الجسمیة الجامعة بین جمیع‏‎ ‎‏الأجسام‏‏  ‏‏، فلو لاقی الحطب للبول مثلاً‏‏  ‏‏، حکم العرف بعد دقّته أیضاً أنّ الحطب‏‎ ‎‏صار نجساً‏‏  ‏‏، فلو صار رماداً تغیّر الموضوع قطعاً‏‏  ‏‏، وعلی هذا صحّ کلام‏‎ ‎‏الشیخ ‏‏قدس سره‏‏  ‏‏: أنّه لا فرق بین النجس والمتنجّس فی الطهارة بالاستحالة‏‏  .‏‎[3]‎‎ ‎‏ والجسم فی قوله‏‏  ‏‏: «کلّ جسم» عنوان مشیر لا أنّه موضوع ویکون ثابتاً فی‏‎ ‎‏جمیع التبدّلات‏‏  ‏‏، إذ لا یساعد علی هذا المعنی إلاّ العقل الدقّی الفلسفی‏‏  .‏

کتابمحاضرات فی الاصول (تشتمل علی تنبیهات الاستصحاب و التعادل و الترجیح و الاجتهاد و التقلید): تقریر الابحاث الامام الخمینی (س)صفحه 140

  • - کفایة الاُصول : 487 ؛ درر الفوائد ، المحقّق الخراسانی : 385 ؛ فوائد الاُصول  (تقریرات المحقّق النائینی) الکاظمی 4 : 585 .
  • - راجع: وسائل الشیعة 25: 287 ـ 288، کتاب الأطعمة والأشربة، أبواب الأشربة  المحرّمة، الباب 3.
  • - فرائد الاُصول ، ضمن تراث الشیخ الأعظم 26: 297 ـ 298.