التنبیه السابعأصالة تأخّر الحادث فیما إذا کان الحادثان مجهولی التأریخ
إذا لوحظ أحد الحادثین بالنسبة إلی الحادث الآخر کوجود زید بالنسبة إلی وجود عمرو مثلاً ، فالشقوق المتصوّرة کثیرة :
الأوّل : أن یکون الأثر الشرعی مترتّباً علی عنوان تقدّم زید علی عمرو .
الثانی : أن یکون مترتّباً علی عدم هذا العنوان .
الثالث : أن یکون مترتّباً علی عنوان زید المتقدّم بحیث یؤخذ مجموع الصفة والموصوف ماهیة واحدة یعرضها الوجود والعدم .
الرابع : أن یکون مترتّباً علی عدم هذا العنوان .
الخامس : أن یکون مترتّباً علی زید فی حال تقدّمه علی عمرو بأن یکون زید تمام الموضوع للحکم ، ولکن یکون موضوعیته له فی ظرف وجوده فی زمان متقدّم علی زمان عمرو ، فالموضوع بحسب الحقیقة حصّة من زید بعد
کتابمحاضرات فی الاصول (تشتمل علی تنبیهات الاستصحاب و التعادل و الترجیح و الاجتهاد و التقلید): تقریر الابحاث الامام الخمینی (س)صفحه 107
تقطیعه بحسب الزمان المنسوب إلی عمرو .
السادس : أن یکون مترتّباً علی عدم هذه الحصّة .
السابع : أن یکون مترتّباً علی وجود زید فی حال تقدّمه علی عمرو ؛ أعنی حصّة خاصّة من وجوده بعد التقطیع بحسب مقارنه ؛ أعنی وجود عمرو بحیث یکون حیثیة الوجود أیضاً مأخوذة فی الموضوع ، ولا محالة یعتبر له کلّ من الوجود والعدم ، فیقال : وجود زید موجود أو معدوم .
الثامن : أن یکون مترتّباً علی عدم هذا الوجود الخاصِّ. والزمان فی الأربعة الأخیرة وإن اُخذ ظرفاً ، ولکنّه بحسب الدقّة العقلیة قید ، إذ الحصّة مرجعها إلی المقیّد فالزمان المتقدّم قید للموضوع عقلاً ، ولکنّه فی الاستصحاب یلغی جهة القیدیة ویستصحب نفس الموضوع ؛ أعنی ذات الحصّة وجوداً أو عدماً ، إذ المرجع فی الاستصحاب نظر العرف ، ولا یخفی أنّ الموضوع فی الأوّل والثالث والخامس والسابع یستصحب عدمه وفی الأربعة الاُخر یستصحب نفسه ، والقضیّة فی الجمیع هلیّة بسیطة ، وجمیع الصور یتصوّر فی عنوان المقارنة والمتأخّر أیضاً .
ولیعلم أیضاً : أنّ الاستصحاب فی الصور المذکورة وإن کان یجری فی حدّ نفسه ، ولکن ترتّب الأثر علیه متوقّف علی عدم المعارض کما لا یخفی .
التاسع : أن یکون الأثر مترتّباً علی مفاد الهلیّة المرکّبة الموجبة ، بأن قال المولی : إذا کان زید متقدّماً علی عمرو فافعل کذا .
العاشر : أن یکون مترتّباً علی مفاد الموجبة المعدولة ، بأن قال : إذا کان زید ثابتاً له العدم الخاصِّ؛ أعنی العدم المقیّد بکونه قبل زمان عمرو أو فی زمانه
کتابمحاضرات فی الاصول (تشتمل علی تنبیهات الاستصحاب و التعادل و الترجیح و الاجتهاد و التقلید): تقریر الابحاث الامام الخمینی (س)صفحه 108
فافعل کذا ؛ فموضوع الحکم زید معدوم فی زمان عمرو بحیث یکون المحمول العدم المقیّد ، ولا یتوهّم أنّ القضیّة هلیّة بسیطة ، فإنّ مفاد البسیطة سلب الشیء ، وفیما نحن فیه إثبات شیء لشیء .
الحادی عشر : أن یکون مترتّباً علی هذه القضیّة أیضاً ، ولکن بنحو یرجع القید إلی الوجود الذی دخل علیه العدم فیکون الموضوع قولنا : زید ثابت له عدم الوجود المقیّد بکونه فی زمان عمرو .
الثانی عشر : أن یکون مترتّباً علی مفاد السالبة المرکّبة ، ولکن مع اعتبار وجود الموضوع بأن یکون الأثر مترتّباً علی قولنا : لیس زید فی زمان عمرو أو قبل زمان عمرو ، مع اعتبار السالبة بنحو لا یصدق إلاّ مع تحقّق الموضوع .
الثالث عشر : أن یکون مترتّباً علی السالبة التی لم یعتبر فیها تحقّق الموضوع أیضاً .
الرابع عشر : أن یکون مترتّباً علی مفاد القضیّة المعدولة ، ولکن بنحو لا یکون العدم أو مدخوله مقیّداً ، بل بنحو یکون الثابت للموضوع حصّة خاصّة من العدم بعد تقطیعه بالنسبة إلی الحادث الآخر ، فیکون الأثر مترتّباً علی قولنا : زید ثابت له عدم خاصّ وهو العدم الحاصل قبل زمان عمرو أو فی زمانه بنحو لا یکون الزمان قیداً بنظر العرف وإن کان قیداً عقلاً ، لما عرفت من رجوع الحصّة إلی المقیّد ، فالفرق بین هذه الصورة والصورة العاشرة بحسب نظر العرف لا العقل .
فإن قلت : قد ثبت فی محلّه أنّ قولنا : «زید معدوم» ، قضیّة سالبة بسیطة فلِم جعلته معدولة مرکّبة ؟
کتابمحاضرات فی الاصول (تشتمل علی تنبیهات الاستصحاب و التعادل و الترجیح و الاجتهاد و التقلید): تقریر الابحاث الامام الخمینی (س)صفحه 109
قلت : إن کان مفادها سلب زید بحیث یساوق قولنا : «لیس زید باللیسیة» التامّة کانت سالبة بسیطة وإن کان مفادها إثبات اللیسیة لزید کان مفادها موجبة مرکّبة ، والإشکال فیها بعدم الموضوع مدفوع بما حقّق فی محلّه فی معنی احتیاج الموجبة إلی وجود الموضوع ، وبیانه هنا یوجب التطویل .
وبالجملة : فقولنا زید معدوم یمکن أن یعتبر موجبة مرکّبة غیر بتّیة کقولنا : «شریک البارئ ممتنع» ، ویمکن أن یعتبر سالبة بسیطة ، وعلی کلا الشقّین یکون المراد بالعدم فیها ـ فیما نحن فیه ـ العدم الخاصِّ؛ أعنی الثابت فی زمان الآخر أو قبله لا بنحو یکون الزمان قیداً ، بل ظرفاً وإن رجع إلی القیدیة عقلاً .
ومن هنا تبیّن لک شقّ آخر نضیفه إلی الشقوق السابقة فتصیر خمسة عشر ، وهذا الشقّ هو :
الخامس عشر : أعنی مفاد السالبة البسیطة الذی جعل الزمان ظرفاً له یجب أن یضمّ إلی الثمانیة الاُوَل فیصیر البسائط تسعة والمرکّبات ستّة . ولا یخفی لک الفرق بین الشقّ الخامس عشر وبین السادس فإنّ الموضوع فی السادس عدم الحصّة وفی الخامس عشر حصّة من العدم .
فإن قلت : یتصوّر هنا شقوق اُخر کأن یکون الأثر مترتّباً علی مفاد قضیّة مرکّبة دالّة علی کون زید قبل زمان عمرو أو فی زمان عمرو .
قلت : ما ذکرت یرجع إلی الصورة التاسعة ، إذ المراد بلفظ التقدّم فیها هو الکون فی الزمن السابق .
وبالجملة : فالمراد من قولنا : «زید متقدّم علی عمرو» ، وقولنا : «زید فی زمان قبل عمرو» ، واحد فلا تشتبه .
کتابمحاضرات فی الاصول (تشتمل علی تنبیهات الاستصحاب و التعادل و الترجیح و الاجتهاد و التقلید): تقریر الابحاث الامام الخمینی (س)صفحه 110
نعم ، یتصوّر فی کلّ ما فرضناه معدولة أن یعتبر بنحو الموجبة السالبة المحمول أیضاِّ، فتذکّر .
کتابمحاضرات فی الاصول (تشتمل علی تنبیهات الاستصحاب و التعادل و الترجیح و الاجتهاد و التقلید): تقریر الابحاث الامام الخمینی (س)صفحه 111