ما ذکره المحقّق الخراسانی فی المقام ونقده
وأمّا المحقّق الخراسانی قدس سره فقد أجاب فی «الکفایة» عن أصل إشکال معارضة الأصلین بما حاصله : أنّ ما دلّ علی حرمة العنب علی تقدیر الغلیان دلّ علی تعلیق حلّیته بعدم الغلیان فالثابت فی العنب حرمة تعلیقیة وحلّیة مغیّاة ، وهذان الأمران بعینهما یستصحبان فی الزبیب ولا مضادّة بینهما ، کما لم یکونا متضادّین حال القطع بهما ، وحینئذٍ فمقتضی استصحاب الحرمة المعلّقة بعد عروض الحالة الزبیبیة حرمته فعلاً بعد الغلیان ، کما أنّ مقتضی استصحاب
کتابمحاضرات فی الاصول (تشتمل علی تنبیهات الاستصحاب و التعادل و الترجیح و الاجتهاد و التقلید): تقریر الابحاث الامام الخمینی (س)صفحه 89
الحلّیة المغیّاة بعد عروضها انتفاء الحلّیة بعد الغلیان ، انتهی ملخّص کلامه .
أقول : الزبیب قبل غلیانه مقطوع الحلّیة ، وإنّما الشکّ فی الحلّیة بعد الغلیان ومراد القوم فی المقام استصحابها بعده .
نعم ، الزبیب قبل غلیانه مع أنّه مقطوع الحلّیة مشکوک حلّیته المغیّاة ؛ بمعنی أنّه یشکّ فی ثبوت الحلّیة المغیّاة بما أنّها مغیّاة له ، من جهة أنّ الشکّ فی ثبوت الحرمة التعلیقیة یلازم الشکّ فی ثبوت الحلّیة المغیّاة ، بناءً علی صحّة ما ذکره من أنّ تعلیق الحرمة یلازم جعل الحلّیة مغیّاة ، فمراد المحقّق الخراسانی إمکان إجراء استصحابین فی الزبیب قبل غلیانه استصحاب الحرمة المعلّقة واستصحاب الحلّیة المغیاة ، وهذان الاستصحابان غیر استصحاب الحلّیة التی تجری بعد الغلیان علی مذاق القوم .
إذا عرفت مراده قدس سره ، فنقول : إن کان المقصود من استصحاب الحلّیة المغیّاة قبل الغلیان إثبات حلّیة الزبیب قبل غلیانه . ففیه : أنّها مقطوعة لا یحتاج ثبوتها إلی الاستصحاب . وإن کان المقصود باستصحابها إثبات عدم الحلّیة بعد الغلیان . ففیه : أنّ عدم المغیّی عند حصول الغایة لیس من الآثار الشرعیة للحکم المغیّی .
وبعبارة اُخری : ما دلّ علی الحلّیة المغیّاة إنّما یدلّ علی ثبوت الحلّیة قبل الغایة ولا یدلّ علی عدمها بعدها ، کما أنّ ما دلّ علی ثبوت الحرمة بعد الغلیان إنّما یدلّ علی إثباتها بعده ولا یدلّ علی عدم ثبوتها قبله .
والحاصل : أنّ الاستصحاب أصل عملی یجب أن یترتّب علیه أثر فی مرحلة العمل واستصحاب الحرمة التعلیقیة یترتّب علیه الأثر العملی ، إذ یترتّب علیه
کتابمحاضرات فی الاصول (تشتمل علی تنبیهات الاستصحاب و التعادل و الترجیح و الاجتهاد و التقلید): تقریر الابحاث الامام الخمینی (س)صفحه 90
الحرمة الفعلیة بعد حصول المعلّق علیه وإن لم یترتّب علیه عدم الحرمة قبله لکونها لازماً عقلیاً، وأمّا استصحاب الحلّیة المغیّاة، فإن کان المقصود من إجرائه إثبات الحلّیة قبل الغلیان فهی مقطوعة ، وإن کان المقصود من إجرائه إثبات عدم الحلّیة بعده . ففیه : أنّه أثر عقلی فیبقی الاستصحاب بلا أثر ، فافهم فإنّه دقیق .
کتابمحاضرات فی الاصول (تشتمل علی تنبیهات الاستصحاب و التعادل و الترجیح و الاجتهاد و التقلید): تقریر الابحاث الامام الخمینی (س)صفحه 91